الأقسام الرئيسية

دخول قطر وخروج مصر

. . ليست هناك تعليقات:


بقلم على السيد ٥/ ١٢/ ٢٠١٠

الأحد قبل الماضى كتبت: «صوتك أمانة فلا تعطه لأحد لأن التزوير سيكون ضرورة»، فتحولت الضرورة إلى «معجزة» سماها الحزب الوطنى «ثمار خمس سنوات من العمل الدؤوب»، وقال عنها البرلمانى المعمّر فتحى سرور «لا أحد يعترف بالهزيمة»، وشاهدها العالم كـ«فضيحة مسلية»، وتابعها المصريون كما يتابعون مصارعة الثيران فى إسبانيا.

وفى النهاية لا يمكن لعاقل أو مجنون أن يصدق أن ما جرى الأحد الماضى ويُستكمل اليوم كان انتخابات برلمانية، والصحيح أنه «تزويرات برلمانية»، جرّت مصر إلى خارج الزمن، ودفعت بها إلى أقصى هامش فى خريطة العالم. فلو أن الأنبياء والرسل والقديسين والثوار والأحرار والعلماء خاضوا الانتخابات أمام رجال الوطنى «السوبر» لما نجح أحد، فآلة التزوير التى تمتلكها «كتائب عز» لا تعترف إلا بمجاهدى الوطنى، ولا تسوّد البطاقات إلا لهم. عمل هؤلاء «الكتائبيون» على طريقة الجماعات المتطرفة، لا تجادل ولا تسأل، وافعل ما تؤمر به ستجد «عزاً» يباهى بك من فوق منصة عالية.

وإذا كنت من الذين مازال لديهم بعض العقل فستسأل: لماذا هذا «الفُجر»، وكيف تحول «التزوير» إلى مصدر عز ومباهاة؟ ولصالح مَنْ كل هذا؟ ألا يشعر هؤلاء بالخجل، ألا يعرفون أنهم أضروا بكل مصر، وفى المقدمة الرئيس حسنى مبارك الذى لا يحتاج بكل تأكيد لبرلمان يتحرك كله وفقا لسبابة «عز»، ولا يسعده أن يكون البرلمان فى قبضة رجل امتلك الثروة والسلطة التشريعية، فما الذى ينقصه؟ ولا يرضيه أن تعود بلاده إلى عصر الصوت الواحد، وأن ينظر العالم إليها باعتبارها بلد «التزوير»؟ اسأل: هل لأنهم يريدون انتخابات رئاسية سهلة؟ وهل الرئيس حسنى مبارك يحتاج لذلك رغم عدم وجود منافس؟ وحتى لو وجد المنافس القوى سترجح كفة الرئيس، أم لأنهم يخططون لوصول جمال مبارك لسدة الرئاسة مع هذا البرلمان المزور؟

وهذا يدفعك لأن تسأل، باندهاش أكبر: وهل يليق برئيس جديد أن يأتى على أسنّة رماح التزوير، فيكسب عداوة الشعب كله من أول يوم، ويخسر شرعية وجوده قبل أن يبدأ؟ أم تراهم كانوا فى رعب من «الإخوان» فآثروا السلامة بـ«التزوير»، ولو كان الأمر كذلك فلماذا سقط مصطفى بكرى وحمدين صباحى وعلاء عبدالمنعم ومنير فخرى عبدالنور وجمال زهران.. وجميعهم أصحاب شعبية طاغية فى دوائرهم؟ أم أنهم أقصوا الأحزاب والمستقلين من باب «الاحتياط»، ليدبروا أمراً سوّلته لهم أنفسهم، ضد شعب ساكت ومتوارٍ، ويعيش فى سكرة الخوف والجوع والفقر؟

الحقيقة أن أصابع «الزامر» تلعب حتى وهو فى سكرات الموت، والحقيقة المؤكدة أن مصر تخرج كل يوم فى اتجاه التخلف والخراب، وستخرج أكثر، طالما كان القابضون على رقبتها من عيّنة أحمد عز، الذى حول مصر العظيمة إلى «حظيرة»، دخلها حتى نقاوة القادة والسياسيين الذين كان يناط بهم الأخذ بيد الناس، أو الوقوف فى وجه من يصرون على أن تكون رقبة الوطن كله فى قبضتهم.. خرجت مصر من التاريخ «المشرف»، واكتفت بأن تسجل أرقاما قياسية فى تقارير الفساد والرشوة والتخلف.

دخلت مصر دائرة الفضائح بانتخابات مزورة، حين كانت قطر، البلد العربى الصغير، «تنافس» عمالقة العالم، وتنتصر عليهم، وتدخل التاريخ بتنظيمها كأس العالم، وتحطم نظرية «الريادة» التى أطلقها كذابو الوطن وصدقها الجهلاء.. فازت قطر لأن فيها من يحبون بلادهم، وخسرت مصر لأنها استسلمت لمن يحبون أنفسهم ويكرهون الشعب.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

المدونة غير مسئولة عن أي تعليق يتم نشره على الموضوعات

اخر الاخبار - الأرشيف

المشاركات الشائعة

التسميات

full

footer