إسرائيل في مأزق صنعته حكومتها المتطرفة بيديها، وهي إذا لم تجد سبيلاً يناسب تطرفها للخروج من عزلتها الدولية، فقد تطلب حرباً كما تفعل أيّ حكومة فاشستية في مثل موقفها.
ثمة محاولات حثيثة حول العالم لنزع الشرعية عن إسرائيل، ليست للعرب أية علاقة بها، وإنما أبطالها جماعات سلام دولية وجامعات غربية وأساتذة، بعضهم من إسرائيل، والتهمة أن اليمين الإسرائيلي الحاكم يمارس سياسة عنصرية، وقد ورث الأبارتهيد عن جنوب أفريقيا السابقة.
في الوقت نفسه، هناك اتجاه دولي للاعتراف بدولة فلسطين المستقلة قبل قيامها فعلاً، وقد أعلنت البرازيل هذا الاعتراف وتبعتها الأرجنتين ثم بوليفيا وإكوادور. وتحاول إسرائيل الآن ثني تشيلي والمكسيك عن اعتراف مماثل بعد أن تبين أنهما في طريق الاعتراف. ومرة أخرى ليست للدول العربية علاقة بهذا الاتجاه فهي نائمة، وعندما تستيقظ حكومة عربية تضطهد الناس ثم تعود الى النوم.
وفي أوروبا نفسها، رفعت فرنسا وإسبانيا والبرتغال التمثيل الفلسطيني فيها الى درجة بعثة ديبلوماسية، وأعلنت الخارجية البريطانية أنها تفكر بدورها في اعتبار الوفد الفلسطيني لديها بعثة ديبلوماسية. وكانت مسؤولة الشؤون الخارجية في الاتحاد الأوروبي الليدي كاثرين آشتون لمحت الى اعتراف الاتحاد كله بدولة فلسطينية مستقلة.
مرة أخرى، العرب والمسلمون نائمون، وفي حين أن دولهم تعترف بفلسطين، فإنهم لا يبذلون جهداً للترويج لموقفهم أو تشجيع الآخرين. ومع ذلك نعرف أنه لو جرى تصويت بين 192 دولة في الجمعية العامة للأمم المتحدة لصوتت 152 دولة الى جانب فلسطين و40 دولة الى جانب إسرائيل، وأقرأ أن الإرهابي بنيامين نتانياهو (كان ضمن المجموعة الإرهابية الإسرائيلية التي نسفت الطائرات المدنية في مطار بيروت قرب نهاية 1968) سيقابل الرئيس مبارك في السادس من الشهر المقبل، وأدعو الرئيس المصري الى عدم مقابلته وتجميد العلاقات المصرية مع إسرائيل.
واليوم تخشى إسرائيل ألاّ تعارض إدارة أوباما طلب السلطة الوطنية من مجلس الأمن الدولي الاعتراف بدولة فلسطين، وقرأت تحذيراً من مثل هذا الاتجاه الأميركي على لسان بنيامين بن أليعازر، وزير التجارة والصناعة الإسرائيلي، وهو من العمل واسمه الأصلي فؤاد بن العذر، وبما أن بناء مؤسسات الدولة المستقلة في الضفة الغربية ماض بنشاط، وخطة رئيس الوزراء سلام فياض تكتمل في الصيف المقبل فحكومة نتانياهو تجد نفسها محاصرة من كل جانب باستثناء الجانب العربي.
ماذا تفعل إسرائيل للخروج من هذا المأزق؟ أولاً تتهم الفلسطينيين بأنهم لا يريدون السلام، ووزير الخارجية أفيغدور ليبرمان قال إنه لو أن إسرائيل أعطت الفلسطينيين تل أبيب عاصمة وأكثر من حدود 1967 لظلوا يرفضون السلام معها، وهو قال في الوقت نفسه إن الجانب الفلسطيني يرفض طلبات إسرائيل الأمنية، أي البقاء عسكرياً في الأغوار وعلى نهر الأردن، وفي القدس... أي إنه لا يعطي الفلسطينيين نصف حدود 1967.
وليبرمان وصف تصريحات وزير خارجية تركيا أحمد داود أوغلو بالكذب، وقال إن طلب الوزير اعتذار إسرائيل عن قتل دعاة السلام على السفينة مافي مرمرة وقح لأن تركيا يجب أن تعتذر لتعاونها مع الإرهابيين.
إسرائيل دولة إرهابية قامت على الإرهاب ولا تزال تمارسه في فلسطين المحتلة وحول العالم، وليبرمان حارس مواخير ورجل عصابات من مولدافا جاء الى إسرائيل لاجئاً ليصبح وزير خارجية، لأن خلفيته تمثيل صحيح لدولة عصابات جريمة منظمة.
وقلت وأزيد عن سعي إسرائيل الى حرب تشغل المنطقة والعالم الخارجي عن المشكلة الأصلية الى حين. والصحف الإسرائيلية كلها تردد منذ أيام وأسابيع قرب حرب ثانية على غزة.
بين الأسباب الإسرائيلية، وهي كاذبة كلها، أن إطلاق الصواريخ والتفجيرات من القطاع باتجاه إسرائيل زاد أخيراً، وأن حماس لها علاقة بهذه العمليات بعد أن كانت تترك هذا الدور للفصائل الصغيرة. وأكتب وأمامي مقالات معلقين إسرائيليين على صلة بالمؤسسة الأمنية والجيش يقولون إن حماس تملك أسلحة أكثر تطوراً مثل صاروخ كورنت الذي ضرب دبابة إسرائيلية، وصواريخ فجر 5 ومداها 80 الى 90 كيلومتراً، وهي إيرانية تصنع في سورية (هكذا بالحرف)، وأن هناك 16 ألف مقاتل مسلح يتدربون في القطاع، وافضلهم يرسل الى سورية لتدريب متقدم، أو الى إيران لبرامج قيادة عليا (أيضاً بالحرف).
إقحام سورية وإيران كاذب وأسبابه واضحة، وإسرائيل تقول إن الحرب المقبلة مسألة وقت، ولعل العرب والمسلمين يستفيقون على صوت القنابل.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
المدونة غير مسئولة عن أي تعليق يتم نشره على الموضوعات