الأقسام الرئيسية

محللون: انسحاب المعارضة وضع الحزب الوطنى فى (مأزق المنتصر)

. . ليست هناك تعليقات:

آخر تحديث: الخميس 9 ديسمبر 2010 10:31 ص بتوقيت القاهرة

سمر الجمل -

وفديون خلال مطالبتهم بالانسحاب من جولة إعادة الانتخابات

تصوير : محمد الميموني


«لدينا جيل جديد يتحدى ويحافظ على الدولة المدنية ويخشى أن تقع فى براثن دولة غير الدولة»، قالها أمين عام الحزب الوطنى صفوت الشريف ما بين جولتين لانتخابات مجلس الشعب. تصريح الشريف كان يبدو دعما واضحا للرجل الواقف على يمينه خلف ميكروفونات تليفزيونية فى مؤتمر صحفى أوشك على الانتهاء ووسط أنباء عن انسحاب الوفد والإخوان من جولة الإعادة.


انسحاب سبقه إقصاء مواز لاكتساح الحزب الحاكم لمقاعد الجولة الأولى، ونتيجة جدلية، أحالت مباشرة إلى «خطة» رجل التنظيم وحملته مسئوليتها. تقدم أحمد عز خطوات قليلة ليتحدث بثقة عن خطط الحزب الوطنى لإخراج الإخوان من الملعب السياسى ومستندا إلى أرقام ليبرر بها خروج الوفد منهزما قبل ايام.


والخطة، كما يقول الوطنى، تكمن فى الأسلوب «المبتكر» للترشيحات المتعددة لرجاله على المقعد الواحد وتبدو أيضا من ثمار أفكار رجل التنظيم رغم رفض قيادات الوطنى الجزم بذلك. بل إن حديثا دار فى كواليس الوطنى ــ قبيل الانتخابات بأسابيع قليلة ــ عن «سحب» ملف الانتخابات من عز قبل أن يعاد مجددا إليه. وفى الحالتين السبب غير معلوم.


الهدف الأسمى لعز، وكان مدعوما فيه من قياداته، هو ضرب جماعة الإخوان. وبدأ تنفيذه ضمن حملة حزبية ــ قصيرة مع ذلك فى مدتها ــ قضائية وإعلامية تسمح للحزب بأن يروج أنه خاض «معركة فكرية» مع الإخوان، كشفتهم أمام الشارع.


وكان واضحا أن عز خطط أيضا لاستبعاد عناصر محددة من البرلمان المقبل و«كان ثأرى مع مجموعة من النواب الحاليين»، كما يعتقد الباحث بمركز دراسات الأهرام عمرو الشوبكى. ولم تفلح أرقام عز عن استطلاعات رأى ــ أجراها حزبه ــ فى إقناع المحللين بسقوط مرشحين لهم شعبية مثل حمدين صباحى وسعد عبود وعلاء عبدالمنعم ومصطفى الجندى وجمال زهران. القائمة ليست قصيرة.


هل خطط عز أيضا لاستبعاد المعارضة بالكامل؟ الإجابة سلبية وتأتى من الحزب نفسه وبتعبير أحد رجاله «القطار مشى سريعا، لم يتوقف فى محطة ولم يهدئ من سرعته مزلقان.. وفى النهاية خبط فى الحيط». وبتفسير تشبيه رجل الوطنى فإن عز وهو يدير هذه المعركة الانتخابية كسر «حالة التوافق»، أو كما يشرح الباحث عمار على حسن «كسر البنيان الذى عاش فى كنفه حزب أغلبية وأحزاب معارضة ملحقة به».


وصفوت الشريف يقول إن «الصندوق لا يكذب» وأن أصوات الناخبين «هى الحاسمة» وعز يقول إن مهمته «المنافسة على كل مقعد». تصريحات الاثنين تبدو متوافقه، أقلها أمام الإعلام.


وهكذا ردد جميع رجال الوطنى كلاما متشابها بشكل لافت عن أنها نتيجة تقليدية لأحزاب المعارضة عبر البرلمانات السابقة، ومثال وجد طريقه إلى لسان أحد الوزراء البارزين وهو يتحدث لـ«الشروق» وصولا إلى صحفيين منتمين إلى الحزب الوطنى عن قيادى الوفد منير فخرى عبدالنور الذى ــ والكلام للوزير ــ لم يقرر خوض الانتخابات إلا قبلها بأيام ودخل فى دائرة جديدة، فى حين أن منافسه من الوطنى يحرث فى الدائرة من 5 سنين».


فشل المعارضة ونجاح الوطنى «لا يرجع إلى عبقرية استثنائية»، يعتقد الشوبكى، بل إلى قدرة مرشحى الوطنى على تحريك جميع أجهزة الدولة لصالحهم. وانسحاب المعارضة أحرج الدولة وحاول الحزب الخروج بأقل الخسائر تارة منتقدا الوفد أو مهاجما الإخوان أو لاعبا على «انشقاقات» داخل أحزاب المعارضة.


واللعبة ليست تنظيمية بحتة، هذا ما يعرفه صقور الحزب الحاكم. اللعبة سياسية بالأساس. هى فكرة المواءمة السياسية التى صاغها أحد عقلاء الحزب الوطنى عشية انتخابات الشورى فى بداية الصيف أن «من مصلحة الحزب الحاكما خسارة مقاعد لصالح المعارضة. هذا ما كان يفعله كمال الشاذلى أمين التنظيم السابق لعز وهذا ما فعله السادات ــ كما يذكر الشوبكى ــ صبيحه اتفاقية كامب ديفيد. أسقط السادات رموز اليسار لكنه أخلى فى المقابل دوائر لصالح حزب العمل، بعد أن حل البرلمان فى 1979. «كان يدرك أهمية وجود معارضة حتى وإن كانت صنيعته». وهذا ما كان يريده الشريف مع قيادات «مُسيسة» كما تتحدث مصادر «الشروق» مشيرة إلى خلافات اليوم داخل الوطنى نتيجة الانتخابات.


اللافت أن «الجيل الجديد» ظهر بشكل أقل ذكاء ولم يحاول توسيع مساحة «التوافق» مع المعارضة بل عمل من أجل ترسيخ فكرة الحزب الواحد عوضا عن التخلص من تراث الحرس القديم القادم من براثن الاتحاد الاشتراكى ومنظمة الشباب. فضاقت أمام الوطنى طرق الخروج من الورطه.


الوطنى وهو يستعد إلى انتخابات رئاسية ــ يخوضها ربما الرئيس مبارك ــ لا يخدمه برلمان بلون واحد. بحاجة إلى تمثيل حزبى تحت القبة، يسمح لأحزاب راسخة بالدفع بمرشح منافس أمامه لتجديد الشرعية أو إعطاء شرعية للرئيس القادم.


النتيجة كما أعلنتها اللجنة العليا للانتخابات تكشف أسماء «متواضعة» فى صفوف العارضة.


«برلمان على مقاس جمال مبارك»، هذا ما يعتقده الشوبكى. السيناريو محبوك إذن ــ لدى المروجين للمشروع ــ والطريق يبدأ بتشديد القبضة على البرلمان لقطع الطريق الأخير على أى مرشح مستقل.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

المدونة غير مسئولة عن أي تعليق يتم نشره على الموضوعات

اخر الاخبار - الأرشيف

المشاركات الشائعة

التسميات

full

footer