اعتبر اقتصاديون سعوديون أن السياسات المالية الأميركية التي يتبعها المجلس الاحتياطي الفيديرالي (البنك المركزي) من خلال ضخ سيولة كبيرة في الاقتصاد الأميركي، سبب رئيس لاستمرار صعود أسعار الذهب إلى مستويات تاريخية. وأرجع كبير المستشارين الماليين في «البنك الأهلي» سعيد الشيخ السبب الرئيس في ارتفاع الذهب إلى قرار «الاحتياطي الفيديرالي» أخيراً شراء سندات خزينة، عبر ما يسمى بسياسة «التيسير الكمي»، لافتاً إلى «وجود آلية لدى البنك لضخ سيولة إضافية في الاقتصاد الأميركي». وأشار إلى «توقعات بتراجع قيمة الدولار، وارتفاع مستويات التضخم، نتيجة لهذا القرار، إضافة إلى ارتفاع قيم السلع بصفة عامة، كما ارتفع سعر النفط ليبلغ 86 دولاراً للبرميل».
وقال الشيخ في تصريح إلى «الحياة»: «ينظر الى الذهب باعتباره ملاذاً آمناً في ظروف التقلبات السعرية، وفي ظل التوقعات بارتفاع مستويات التضخم، وهذا هو السبب الرئيس وراء اتجاه الذهب إلى الارتفاع خلال الأيام الماضية»، مشيراً إلى «صعوبة وضع تقديرات تحدد إلى أين سيصل الذهب في ارتفاعه، وبخاصة أننا في مرحلة بداية سريان هذا القرار، لكن المعدن الأصفر سيظل مرتفعاً إلى أن يتضح أثر قرار الاحتياط الفيديرالي على توجهات مستويات التضخم في الولايات المتحدة، إضافة إلى تأثيرها على قيمة سعر صرف الدولار مقارنة بالعملات الأخرى».
وأضاف: «من أسباب التسارع في الارتفاع أيضاً، تقلبات أسعار الصرف، نتيجة للقرار ذاته. هناك توقعات بضعف قيمة الدولار في مقابل العملات الأخرى، ما يدفع المستثمرين إلى اللجوء إلى ملاذات آمنة لحماية قيمة أصولهم، من خلال الابتعاد عن الدولار إلى أصول أخرى، منها الذهب»، مشيراً إلى أن «بقية السلع والمواد الغذائية أيضاً في ارتفاع». وأوضح الشيخ أن «الاستهلاك العالمي للذهب معروف، وكذلك نموه، علماً أننا لا نتحدث عن الذهب، من النواحي الإستهلاكية له باعتباره زينة أو كمالية كما هي الحال في السعودية والهند وغيرهما، بل نتحدث عن الذهب المورد الذي يتم تداوله في الأسواق المالية».
وعزا نائب رئيس «لجنة الذهب» في غرفة الشرقية محمد الحمد، سبب تسارع ارتفاع الذهب الأخير إلى «انخفاض سعر الدولار بشكل ملحوظ، وتسجيله أرقاماً جديدة من التراجع، إضافة إلىعدم توافر الثقة في الاقتصاد العالمي، ولأن المعدن الأصفر ملاذ آمن في الأزمات الاقتصادية»، مؤكداً أن «الذهب لم يأخذ دورته في الارتفاع بعد على رغم أهميته، مقارنة ببقية السلع».
وقال: «البورصة عودتنا أن الذهب عندما يتجاوز قمة تاريخية، يتضاعف سعره أضعافاً عدة، فيما لم يتضاعف إلى الآن سوى ضعف واحد، ما يعني أنه لم يأخذ حقه بعد».
وذكر أن «الذهب في عام 1980 دخل في حالة تصحيح طويلة المدى انتهت قرابة عام 2000، ودخل حالياً في موجة صاعدة طويلة المدى، لا نعلم متى تنتهي»، موضحاً أن «سعر الأونصة قبل نحو أربعة أعوام، وصل إلى 730 دولاراً، بعدها أخذ في التراجع إلى 540 دولاراً. وبعد عام ونصف العام تجاوز سقف 730 دولاراً ليبلغ سعر الأونصة 1030 دولاراً، ثم أخذ في النزول، ولم يتجاوز هذا السقف إلا بعد عام ونصف العام أيضاً ليسجل رقماً جديداً هو 1230 دولاراً، ثم أخذ في النزول ولم يتجاوز1230 إلا بعد عام ونصف العام».
ووصف تاجر الذهب عبدالمنعم الناصر، حركة بيع الذهب في السوق السعودية، بأنها «ضعيفة»، عازياً السبب إلى «توقع الزبائن انخفاض سعر الذهب». ورأى أن «توقعات المستهلكين ليست صحيحة». وقال: «حتى لو صحح الذهب مساره نزولاً، فإن هبوطه لن يتجاوز 100 دولار».
وأضاف: «من المعتاد حدوث نزول في كانون الأول (ديسمبر) من كل عام ويرجح أن يهبط إلى 1280 دولاراً للأونصة». لكنه توقع أن «يواصل الذهب بعدها تسارعه الشديد في الارتفاع وصولاً إلى 1800 دولار، و2300 دولار خلال الأعوام الخمسة المقبلة».
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
المدونة غير مسئولة عن أي تعليق يتم نشره على الموضوعات