أطلق تنظيم "القاعدة في العراق" تهديدات استهدفت الكنيسة القبطية المصرية, تهديدات جاءت على خلفية قضية شغلت الرأي العام المصري لسنوات وزادت من حالة التوتر والاحتقان, الموجودة أصلا, بين المسلمين والمسيحيين في هذا البلد.
القضية هي احتجاز الكنيسة لامرأتين مسيحيتين, زوجتي كاهنين قبطيين, أشيع أنهما اعتنقتا الإسلام . الأولى هي وفاء قسطنطين والتي بدأت قصتها عام ٢٠٠٤ وانقطعت أخبارها منذ ذلك الحين, ويتهم المسلمون الحكومة المصرية بالتواطؤ مع الكنيسة القبطية بتسليمها هذه المرأة٠ والثانية هي كاميليا شحاتة التي لا تختلف قصتها كثيرا عن وفاء قسطنطين.
وما إن أطلق تنظيم القاعدة تهديداته إلا وانتفضت الحكومة المصرية وانتابها نوع من الهوس الأمني, الذي اعتادته في مناسبات أقل خطرا من هذه المناسبة, وأعلنت عن سلسلة من الإجراءات الأمنية لحماية الكاتدرائيات والكنائس في طول البلاد وعرضها. وحتى الكنيسة نفسها أعلنت عن تشديد إجراءاتها الأمنية الخاصة وأعلنت أنها ربما تلغي أو تؤجل الاحتفالات بالعيد التاسع والثلاثين لجلوس البابا شنودة.
فرانس ٢٤ طرحت أسئلتها على خبير في الشؤون القبطية, رفيق حبيب. الذي اعتبر أن حالة الاحتقان والتوتر التي تصبغ المجتمع المصري هي حالة اجتماعية عامة ناتجة عن انعدام الحريات في مصر ونتيجة طبيعية لسياسة تكميم الأفواه, تكميم أفواه النقابات والأحزاب والطلاب وكل القطاعات الفاعلة في المجتمع, وبالتالي فإن التوتر بين المسلمين والمسيحيين ما هو إلا منتوج طبيعي لهذه السياسية. كما أن السياسة الأمنية التي تتعامل بها الحكومة مع كل القضايا الطائفية بديلا عن سياسة الحوار أدت لانعدام الثقة بين الطرفين ولن تؤدي إلا لمزيد من التوتر والاحتقان. ولن يكون هناك حل لهذه القضية بشكل عام إلا بفتح أبواب الحريات بمصر.
وفيما يتعلق بقضية السيدتين المسيحيتين يرى حبيب أن تناول الكنيسة للقضية خاطئ من البداية لأنه ناتج من خوفها من التهديدات التي تعتقد أنها ستؤثر على وجودها ووجود رعاياها. وهو تناول من الواضح أنه أغضب الدولة بدليل أنها تسمح للمسلمين بتسيير المظاهرات المناهضة للكنيسة وللبابا دون التدخل لقمعها كما تفعل دائما٠ ومن وجهة نظري يكمن الحل في الشفافية حول هذه القضية والسماح للمرأتين بالظهور أمام الرأي العام وإعلان معتقدهما بكل حرية والقبول بنتائج ذلك لأنها لن تكون أسوأ من الوضع الحالي٠
تنظيم القاعدة أمهل الكنيسة ٤٨ ساعة لتحرير السيدتين وإلا فإن الكنيسة والمسيحيين المصريين سوف يصبحون أهدافا مشروعة لهجماته. مهلة انتهت بالفعل أمس ولم يصدر أي رد فعل من الكنيسة بخصوص قضية السيدتين. ولكن كما يقول المثل العربي القديم رب ضارة نافعة, أثارت هذه التهديدات غضب الكثير من المصريين مسلمين ومسيحيين وأعرب الكثير من المسلمين عن تعاطفهم الشديد مع أبناء وطنهم من المسيحيين وأعربوا عن استعدادهم لحمايتهم بأرواحهم إن استدعى الأمر.
كما أعربت الجماعة الإسلامية بدورها عن رفض تهديدات القاعدة وشجبها لأسلوب مهاجمة الكنائس ودور العبادة, في خطوة اعتبرها المراقبون تعبيرا عن الوحدة الوطنية التي تجمع المصريين محذرين في الوقت نفسه من الاستهانة بهذه التهديدات التي ربما لا تستطيع أن تطال المسيحيين والكنائس داخل مصر ولكن قد تطالهم في المهجر
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
المدونة غير مسئولة عن أي تعليق يتم نشره على الموضوعات