الأقسام الرئيسية

السياسى يوسف بطرس غالى

. . ليست هناك تعليقات:
Mon, 08/11/2010 - 08:05

ولع الدكتور يوسف بطرس غالى بأمريكا والأمريكان أمر معروف لم يعد يخفى على أحد، وهذا من حقه لأن «القلب وما يريد»، واحتقاره للشعب المصرى بات أيضاً أمراً معروفاً، بعد أن فضحته زلات لسان وقع فيها فى مناسبات كثيرة.

ولأنه يعتقد أنه ليس مديناً للشعب وإنما لنظام يقدر فقط من هم على شاكلته، فقد رأى أن واجب الوفاء يفرض عليه أن يدافع عن ولى نعمته لدى أحبائه فى واشنطن عقب قيامهم بتوجيه انتقادات شديدة اللهجة للنظام المصرى، وصلت إلى حد اتهامه مؤخراً بالجمود ومقاومة التغيير، وبعث بمقال إلى صحيفة الـ «واشنطن بوست» الأمريكية واسعة الانتشار، نشرت صحيفة «الشرق الأوسط» ترجمة له فى عددها الصادر يوم السبت الماضى (6/11) تحت عنوان: «مصر رائدة الشرق الأوسط».

ويعد هذا المقال، فى تقديرى، نموذجا فريدا لما يمكن أن نطلق عليه «فن الاستهبال السياسى»، حيث حاول استغلال وضعه، كخبير اقتصادى دولى وكنائب فى البرلمان وكمسيحى، للتغطية على خطايا النظام وللتعمية على حقيقة ما يجرى فى مصر.

فبصفته خبيراً اقتصادياً حاول غالى أن ينفى عن النظام تهمة الجمود، بالتأكيد على قيامه بإصلاحات اقتصادية واسعة النطاق مكنته من تحقيق معدل نمو سنوى بلغ 7.2%، وكان لها مردود إيجابى من الناحية السياسية، لأنها «جعلت المجتمع المدنى المصرى هو الأكثر ديناميكية فى الشرق الأوسط». لذا لم يتردد فى إلقاء اللوم على «الخطاب السائد فى دوائر صنع السياسات فى واشنطن» لأن مروجيه «اعتادوا الإشارة إلى نقاط القصور فى نظامنا السياسى».

أما بصفته نائباً فى البرلمان فقد أبدى غالى تفهماً لمطالب مصر الشعبية واعترف ببعض أوجه القصور، قائلاً: «لايزال الكثيرون يعيشون تحت خط الفقر، ولاتزال أعداد من يتلقون تعليماً مناسباً قليلة للغاية».

وللتغطية على هذا القصور سعى للترويج لوهم كبير، حين أكد دون أى دليل مقنع أن «مصر تقف الآن عند نقطة تحول نحو رخاء أوسع بكثير». أما بصفته «عضواً فى المجتمع المسيحى المصرى الذى يعتبر الأكبر فى الشرق الأوسط»، على حد قوله، فقد اعترف غالى بأنه: «يعى تماما أخطار التشدد الدينى»،

لكنه أضاف على الفور، بصفته مسؤولاً فى الحكومة هذه المرة، قائلاً: «إن البديل الوحيد لرؤيتنا يتمثل فى رؤية أخرى يطرحها من يسعون لتحويل البلاد بعيداً عن الليبرالية الاقتصادية والتسامح الدينى والتقدم الاجتماعى باتجاه قدر أكبر من الأصولية، ليخلقوا فى النهاية دولة دينية فى بلاد لطالما احتضنت التنوع».

ثم اختتم مقاله، موجهاً خطابه للأمريكيين، قائلاً: «لكم أن تتخيلوا للحظة واحدة مصر فى أيدى ملالى أصوليين يثيرون زعزعة الاستقرار ويتحالفون مع أنظمة مارقة»، لافتا النظر إلى أن «إحداث تحول بالاقتصاد المصرى يمكن أن يخلق حالة من الرخاء والاستقرار بمختلف أرجاء المنطقة ويوفر حصناً منيعاً فى مواجهة التطرف.. ويحسن أيضا من أمن أمريكا».

لست متأكداً من أن الدكتور غالى هو الذى كتب بنفسه هذا المقال، لكن الطريقة التى كتب بها تفصح عن محاولة مكشوفة لتوظيفه سياسياً، كمسيحى وكخبير دولى فى الاقتصاد. ولا جدال فى أن لغة المقال تعكس قدرا ما من المعرفة بالمجتمع الأمريكى وبكيفية التأثير عليه، لكننى أظن أنها معرفة سطحية، ولن يكون لها أى جدوى.

فصانع القرار الأمريكى يعى تماماً أن النظام المصرى يعانى ظاهرة «استهلاك السلطة»، وبالتالى لم يعد لديه جديد يقدمه بعد 30 عاماً من احتكارها، كما يعرف فى الوقت نفسه ما الذى يريده من النظام وكيف يحصل عليه.

أما هذه الطريقة فى الكتابة، التى تعد نموذجاً فى «فن الاستهبال السياسى»، فلن تخيل على أحد، لا على الأمريكان ولا على المصريين!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

المدونة غير مسئولة عن أي تعليق يتم نشره على الموضوعات

اخر الاخبار - الأرشيف

المشاركات الشائعة

التسميات

full

footer