أعلان الهيدر

21‏/10‏/2010

الرئيسية أزمة الزواج والمهر

أزمة الزواج والمهر

من الطبيعي ان الفتاة المطلوبة ليست متاعا يتنافس في اقتنائه الغواة ويتزاحمون على الحصول عليه بزيادة الاثمان بل هي زوجة وأم ينبغي أن تكون مطمئنة على سعادة مستقبلها وهذه السعادة انما تشترى بأنتقاء الأزواج الصالحين لا بالتغالي في المور وبديهي ان الامة طبقات مختلفات بحسب المظاهر والوجاهة فترى الرجل العظيم يأنف من تأهيل أبنته برجل وسط في الهيئة الأجتماعية عريق في النسب كريم الشيم والأخلاق لا لسبب سوى أن يده تقصر على ملئ جيوب ذلك العظيم بالمهر الكبير الذي يتقاضاه ثمنا لابنته .
وكثيرا ما يلقى هؤلاء الأباء من العظماء بناتهم في بيوت رجال فاسدين ليهدمون سعادتهن وينغصون معيشتهن وكل ذلك لأنهم أخذوا في مهورهن مبلغا جسيماً .
ليس من الحكمة في الزواج تقدير الأموال بل الغاية التي ينبغي ان يسعى اليها العاقل تقدير الرجال ولذا قال تعالى "وأنكحوا الايامي منكم والصالحين من عبادكم وامائكم ان يكونوا فقراء يغنيهم الله من فضله"
يرى الكثيرون من الوجهاء ان الشرف كل الشرف ان يزوجوا بناتهم لرجال أمثالهم ذوي ضياع مترامية الأطراف ويرون من الشرف أن يتقاضى الأب مهر ابنته مئات من الاصفر الرنان ليلقيها بين يدي من ربما نغص عليها حياتها وكان سببا لشقائها ومصابها بما يتبعه من طرق الغواية والسير في سبيل الحياة الكاذبة .
فما ضر هذا الوجيه لو تناول نصف هذا المهر أو ربعه من رجل شريف النفس طيب الارومة كريم الخلال لا يوجه نظره الا لسعادة اسرته واكرام بيته .
الامثال أمامنا كثيرة واصدقاؤنا ممن أصيبوا بهذه التقاليد كثيرون .
حدث أن بعضهم ابى أن يزوج بنته الا لأحد أبناء البشوات الاغنياء فأوقعه سوء حظه في واحد من هؤلاء الوارثين الذين أخذت الأموال عليهم مشاعرهم ليقال انه صاهر عظيما فأخذ ثمنا لاببنته بضع مئات من الجنيهات وجهزها بأثاث فاخر وأقام الحفلات التي سال فيها الذهب والنظار فلم تلبث المسكينة التى جنى عليها أبوها بل جنى عليها حبه في التظاهر الا قليلا حتى هجرها ابن الباشا هجرا طويلا مستعيضا بخليلته عن حليلته صارفا ليله ونهاره عندها ينفق عليها عن سعة حتى صفرت يده وجيوبه من تلك الثروة الطائلة وأعتل بداء من شر الادواء أصاب به هذه الفتاه المسكينة اصابة كانت القاضية على الأثنين معا .
شقيت هذه المسكينة بعد أن خرجت من بيت ابيها بهذه الجناية الكبرى التي هي في حل من تحمل مسئوليتها بعد تحمل شقائها من ذلك الأب الاحمق الذي ألقي بها الى التهلكة .
ما ضر هذا الاب لو أعطى ابنته بنصف هذا الصداق لرجل موسوم بالشرف والنزاهة والاستقامة عامر الرأس كبير القلب لا عامر الجيب والخزائن فارغ الرأس صغير القلب .
ليس من الشرف أو العظمة الا يزوج الاغنياء الا لاغنياء بل يجب ان يوضع الغني ازاء شرف النفس وكرامة المحتد الذي ترجح كفته على الثروة مهما كانت باهظة .
وكم من متوسطي الحال من يفوقون الاغنياء كثيرا بشريف غايتهم ونبالة مقاصدهم وحسن سيرتهم مع العلم بأن الغني يذهب دائما الى الفقير والفقير ربما اصبح غنيا وهي سنة لها أمثال كثيرة .
طرقنا باب هذا الموضوع بعد أن رأينا أن الحكومة السودانية تعمل على سن قانون بشأن الزواج وقد كان هذا القانون معمولا به في السودان أيام خلافة المهدي وهو يقضي بأن يدفع للعذراء مهر مائة قرش وللثيب نصفها أما اليوم فقد تغالى البعض وطلب خمسة عشر جنيها وعشرين .
أن هذه الطريقة التي تتبعها الحكومة السودانية تشير الى مسألة أجتماعية من الاهمية بمكان لان قلة المهر تساعد على كثرة الزواج وهذا يساعد على كثرة النسل الذي يساعد على ترقية البلاد وكثيرا ما أن الاوروبيون من قلة النسل في بلادهم وقلة الزواج فيها وتدرجهم الى التلاشي كما نرى في فرنسا مما تتناقلة صحفها .
على أننا لا نصلب من حكومتنا المصرية أن تسن قانونا كهذا فأن عوائدنا تقضي بأن الرجل حر في ابنته يفعل بها كيف يشاء ويبيعها بما يشاء أما للسعادة أو الشقاء ولكنا نطلب من المصريين بل والمسلمين في أنحاء الكرة الأرضية ان يسنوا لانفسهم قانونا ينسخ هذه العوائد والتقاليد التي تحتمها عليهم المظاهر الكاذبة وأن يجعلوا مبدأهم في هذا القانون (الرجال لا الأموال) .

المصدر : جريدة اللواء 1 مايو 1910

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

المدونة غير مسئولة عن أي تعليق يتم نشره على الموضوعات

يتم التشغيل بواسطة Blogger.