الأقسام الرئيسية

أهل الذمة والسلطة في العصر الفاطمي

. . ليست هناك تعليقات:

mainfsre
جاء الفاطميون إلى مصر بعد حوالي 3 قرون من الفتح العربي الإسلامي لهاوحسب ما ورد في كتب التأريخ أن الفاطميين كانوا قد درسوا الوضع المصري جيدا فقد كان حلم ضم مصر إلى ملكهم يراودهم منذ النشأة ولذلك ربما كانوا على علم باضطراب العلاقة بين «أهل الذمة» في مصر من اليهود والمسيحيين وبين السلطة منذ دخول العرب إليها.
لذلك كان من الملاحظ أن السياسة الفاطمية اختلفت جذريا وتجنبت الصدام الذي ساد لقرون وتطور في بعض الأحيان لثورات كثورة البشموريين وغيرها.
فعندما جاء دورهم أرادوا أن يحسنوا السيرة، وأن يقيموا العدل فلا يعلو أحد على الآخر حتى تدوم دولتهم.
الفاطميون وعامة أهل الذمة.

كان الفاطميون لا يجدون حرجا في تفسير ما يتعلق بالمسيح، ويبدون رأيهم فيه بما يتفق مع الإسلام، غير أنهم لم يقوموا بوضع قيود على أهل الذمة في احتفالاتهم، فكان المسيحيون يحتفلون بأعيادهم كعيد النيروز، وهو عيد رأس السنة المصرية، وعيد الصليب، وهو اليوم الذي عثر فيه البيزنطيون على الصليب الذي صلب عله المسيح في القدس، وعيد الغطاس، وهو ذكرى تعميد المسيح بفلسطين.
gazfwea
بل لم يتوقف الأمر على هذا، فقد سمحت السلطة للمسلمين ولأول مرة منذ الفتح العربي أن يشاركوا المسيحيين في احتفالاتهم هذه.وحسب ابن إياس والمقريزي فقد كانت الدولة تطلق المأكولات والملابس فيما يعرف بـ«كسوة الأعياد» للموظفين من أهل الذمة والمسلمين على سبيل الابتهاج.

الخلفاء الفاطميين ورموز أهل الذمة
وعلى المستوى الرسمي كان إذا تولى بطريرك جديد الكرازة في مصر، استقبله الخليفة الفاطمي استقبالا رسميا في قصره وهو ما لم يحدث منذ استقبال عمرو بن العاص للبطريرك بنيامين بعد فتح مصر.
ففي عهد المستنصر باللهعلى سبيل المثال تولى بطريرك جديد، فأرسل له المستنصرعشاري خاص ـ إلى مقر البطريركية بالأسكندرية ـ وهو مركب من مراكب الخليفة الخاصة لينقل البطريرك الجديد إلى القاهرة، حيث يكون في استقباله خلق كثير، وكان يدخل القاهرة من باب اسمه البحر في موكب رسمي، وحوله الكثير من القراء الذين يرتلون من الإنجيل. ثم يدخل البطريرك على الخليفة في قصره فيقول له الخليفة: “بارك علينا وعلى قصرنا” فيبارك عليه فيفرح الخليفة هو وأهل قصره، ثم يأمر البطريرك أحد قراؤه فيقرأ للخليفة دعاء خاص، ثم يذهب الموكب متجها إلى الوزير فيفعل ما فعل عند الخليفة ويلقى نفس الحفاوة من الوزير وأهل بيته.
gsaerrfeqwrqaggtt4r
أما بالنسبة للأديرة النائية ورهبانها فكانت تحظى أيضا باهتمام الفاطميين على عكس ما كان سائدا قبل دخولهم، حيث أن الخلفاء كانوا يحبون الصيد وكلما خرج الخليفة لرحلة صيد بالقرب من هذا الأديرة ولاسيما دير ناهيا بالقرب من الجيزة، منح رهبانها الكثير من المال، كما وصلت إليناسجلات في دير القديسة كاترين بسيناء مرسلة من قبل الوزراء والخلفاء لعمالهم لتأمين الرهبان في هذا الدير على أرواحهم وممتلكاتهم.
الحاكم بأمر الله والانقلاب
جاء الخليفة الفاطمي الحاكم بأمر الله، بعد وفاة أبيه العزيز بالله أثناء مسيره إلى لقاء جيش الروم، وقد كان الصراع بينهما محتدما بعدما ضعف حكام المشرق أمام صعود الروم، واستمر هذا الصراع في عهد الحاكم أيضا حتي تم إجراء مصالحة بينهما استمرت 10 سنوات، لكن قبل هذه المصالحة كانت أن اشتدت هجمات الروم على الشام وغيرها من المدن الإسلامية، وفي نفس الوقت أيضا زاد نفوذ المسيحيين في الدولة الفاطمية حتى تبوؤا أعلى المناصب في عهد العزيز بالله لكنهم استغلوا هذا النفوذ مع الشعب المصري الذي ضاق وضجر من قمع الوزراء لهم، وكان الحاكم قد رأى وسمع ما يفعله وزراءه وأيضا كان في خوف على دولته من أن يينفذ أحد من الروم إلى رجال بلاطه الذميين فعمد إلى إصدار قرارات حاسمة وقاسية تحجم من خطر الروم الخارجي ونفوذ رجال بلاطه الذميين في الداخل.
taerewrwtw
أصدر الحاكم بأمر الله وثيقته الشهيرة التي أمر فيها أهل الذمة بالتميز عن المسلمين في تغيير واضح وقاسي مختلف عن سيرة أبائه، وذلك من خلال العمامة وارتداء الثياب السوداء، وأمرهم بحمل الصليب، وجعل اليهود يحملون الأخشاب إشارة إلى رأس العجل، فمنهم من التزم ومنهم من تمرد، فنادى الحاكم أن من لم يلتزم بأوامره سوف يحاسب حسابا شديدا، فعاشوا كما أراد لهم الخليفة الفاطمي الحاكم.
عدول الحاكم وتغيير سياسته
عدل الخليفة الحاكم بعد صلحه مع الروم عن معاملة أهل الذمة بهذه الطريقة الصارمة التي كان يعاملهم بها، فأصبح لينا يسيرا معهم، فقد أصدرالكثير من السجلات التي يأمر فيها ببناء الكنائس، وأعاد بناء كنيسة القيامة في فلسطين والتي كان قد أمر بهدمها، ولما قيل للخليفة الحاكم إن الذين أسلموا من أهل الذمة لم يكن إسلامهم عن إيمان صادق وإنما كان عن خوف وقهر، فإما أن تقتلهم أو ترجعهم إلى دينهم، سمح لهم الحاكم بالرجوع إلى دينهم إن أرادوا، فارتد في يوم واحد أكثر من سبعة آلاف يهودي إلى دينهم، كما ارتد الكثير من القبط الذين كانوا قد تظاهروا بالإسلام منذ سبع سنوات، ثم أصدر الخليفة الحاكم سجلا هاما عليه علامته، مفاده طمأنة أهل الذمة بحمايته لهم، شرط أن يلتزموا أوامره. بعد أن أطلق الخليفة الحاكم العنان لأهل الذمة وسمح بردتهم، قال الكثير إن هذا مروق عن الدين فكان يرد قائلا: “إننا ننزه مساجدنا عن أن يدخلها من لا نية له في الإسلام”.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

المدونة غير مسئولة عن أي تعليق يتم نشره على الموضوعات

اخر الاخبار - الأرشيف

المشاركات الشائعة

التسميات

full

footer