Thu, 29/11/2012 - 21:50
رغم أن ثورات الشعب المصرى الوطنية الديمقراطية فشلت كلها فى تحقيق
أهدافها على مدى 130 عاماً، منذ الثورة العرابية وحتى ثورة 25 يناير، فإنه
لم يعد سهلا حرمان هذا الشعب من الحرية وإعادة فرض الاستبداد والقهر عليه.
ورغم أن المصريين لم يتمكنوا من المحافظة على الروح التى دبت فيهم مرات فى
تاريخهم الحديث، فليست هذه قاعدة أبدية غير قابلة للتغيير.
كما أن الروح التى دبت فى شعبنا وجعلته قادرا على الثورة فى 25 يناير تقترن بحيوية يتميز بها قطاع كبير من أجياله الجديدة الناشئة لا سابقة لها فى تاريخه. فلم تكن هذه الحيوية موجودة عقب حرب أكتوبر 1973 التى ظهرت فيها روح مصر محلقة فى عنان السماء، ولكنها لم تلبث أن هبطت فى فترة لا تزيد على تلك التى تفصلنا عن ثورة 25 يناير، على نحو جعل شعبنا مهيأ للتفريط فى إرهاصات التطور الديمقراطى وقبول إعادة إنتاج الحكم الاستبدادى.
فقد خلق انتصار أكتوبر 1973 روحاً سرت فى المجتمع، وفرضت على نظام الرئيس الراحل أنور السادات استجابة جزئية للمطالب الديمقراطية التى ظلت مقموعة على مدى عقدين من الزمن، وبلغت ذروتها فى الحركة الطلابية الكبرى عامى 1972 و1973 وتفاعل المجتمع معها.
فكانت الروح التى دبت فى المجتمع المصرى فى تلك اللحظة هى العامل الرئيسى، وإن لم يكن الوحيد، وراء اتجاه نظام السادات إلى قبول انفتاح سياسى جزئى بدأ بإنشاء ثلاثة منابر للوسط واليسار واليمين داخل التنظيم الواحد (الاتحاد الاشتراكى العربى).
وسرعان ما تحولت تلك المنابر التى بدأت بطريقة ارتجالية إلى تنظيمات ثابتة ذات طابع شبه حزبى ثم إلى أحزاب سياسية. وكان هذا التطور السريع مبشّرا بتحول ديمقراطى انتظره المصريون طويلاً بدليل إقبالهم الواسع على الانضمام إلى الأحزاب التى أنشئت فى تلك المرحلة. ولكن هذا التحول لم يحدث لأن الروح التى دفعت إليه خبت بأسرع مما كان متوقعاً.
وثمة شواهد كثيرة تدل على أن شيئاً مثل ذلك يحدث الآن، وأن الحرية التى اندلعت من أجلها ثورة 25 يناير باتت فى خطر كبير. وما الإعلان الدستورى الذى أصدره الرئيس محمد مرسى قبل أيام إلا الدليل الأقوى على هذا الخطر. وفى المشهد السياسى الحالى شواهد أخرى لا تقل أهمية، وفى مقدمتها الإصرار على فرض دستور ليس له من اسمه نصيب، لأن الجمعية التأسيسية فقدت شرعيتها السياسية والأخلاقية بعد أن أصبحت مقصورة على تيار واحد بفصائله المتعددة الأسماء.
ومع ذلك، ربما لا يكرر التاريخ نفسه ويعيد إنتاج الانتكاسة الكبرى التى تعرضت لها إرهاصات التطور الديمقراطى الذى بدأ مقترنا بالروح التى دبت فى المجتمع إبان حرب أكتوبر 1973 وبعيدها، رغم ما يبدو من تشابه فى منهجى محمد مرسى الآن وأنور السادات حينئذ. فالمادة السادسة فى «الإعلان الدستورى» الأخير تبدو كما لو أنها إعادة إنتاج لقانون حماية الجبهة الداخلية والسلام الاجتماعى (القانون 33 لسنة 1978) الذى كان إحدى أهم أدوات السادات فى وقف التطور الديمقراطى، كما أن مرسى استخدم الادعاء بحماية ثورة 25 يناير وسيلة لمحاولة فرض ديكتاتورية، بينما استغل السادات ثورتى 23 يوليو و15 مايو للغرض نفسه.
فلا تعديل إلا فى الصياغة بين مواجهة (خطر يهدد ثورة 23 يوليو 1952 ومبادئ 15 مايو 1971 التى تقوم على تحالف قوى الشعب العاملة والسلام الاجتماعى والوحدة الوطنية..) والتصدى لخطر (يهدد ثورة يناير أو حياة الأمة أو الوحدة الوطنية أو سلامة الوطن..). فالمنهج واحد وهو منح رئيس الجمهورية سلطة مطلقة يستحيل أن يحدث أى تطور ديمقراطى فى ظلها.
ورغم أن السلطة التى منحها الرئيس مرسى لنفسه أوسع بكثير، فقد لا يكون هذا مؤشرا على أنه سيحقق مثل ما أنجزه السادات الذى نجح فى وقت التطور الديمقراطى. فربما يكون هذا دالاً على العكس، وهو ضعف ثقة مرسى فى شعبيته لأن الرئيس الذى يعطى نفسه سلطة مطلقة يشعر بالوهن وليس بالقوة. ولذلك فهو قد لا يكون فى وضع يتيح له تحقيق شىء مما نجح فيه السادات، حيث لا تزال روح 25 يناير محلقة فى سماء مصر وقابلة لأن تتجسد على الأرض مجدداً كما ظهر بوضوح الثلاثاء الماضى. كما أن مصر 2012 تختلف كثيرا عما كانت فيه عام 1978، بعد أن تضاعف عدد سكانها وازدادت نسبة الشباب فى مجتمعها. كما اكتسب قطاع غير قليل منهم وعياً لا سابق له بفعل ثورة الاتصالات والمعرفة، وصار أكثر حيوية وأوفر استعداداً للمقاومة والتضحية من أجل الحرية والكرامة.
كما أن الروح التى دبت فى شعبنا وجعلته قادرا على الثورة فى 25 يناير تقترن بحيوية يتميز بها قطاع كبير من أجياله الجديدة الناشئة لا سابقة لها فى تاريخه. فلم تكن هذه الحيوية موجودة عقب حرب أكتوبر 1973 التى ظهرت فيها روح مصر محلقة فى عنان السماء، ولكنها لم تلبث أن هبطت فى فترة لا تزيد على تلك التى تفصلنا عن ثورة 25 يناير، على نحو جعل شعبنا مهيأ للتفريط فى إرهاصات التطور الديمقراطى وقبول إعادة إنتاج الحكم الاستبدادى.
فقد خلق انتصار أكتوبر 1973 روحاً سرت فى المجتمع، وفرضت على نظام الرئيس الراحل أنور السادات استجابة جزئية للمطالب الديمقراطية التى ظلت مقموعة على مدى عقدين من الزمن، وبلغت ذروتها فى الحركة الطلابية الكبرى عامى 1972 و1973 وتفاعل المجتمع معها.
فكانت الروح التى دبت فى المجتمع المصرى فى تلك اللحظة هى العامل الرئيسى، وإن لم يكن الوحيد، وراء اتجاه نظام السادات إلى قبول انفتاح سياسى جزئى بدأ بإنشاء ثلاثة منابر للوسط واليسار واليمين داخل التنظيم الواحد (الاتحاد الاشتراكى العربى).
وسرعان ما تحولت تلك المنابر التى بدأت بطريقة ارتجالية إلى تنظيمات ثابتة ذات طابع شبه حزبى ثم إلى أحزاب سياسية. وكان هذا التطور السريع مبشّرا بتحول ديمقراطى انتظره المصريون طويلاً بدليل إقبالهم الواسع على الانضمام إلى الأحزاب التى أنشئت فى تلك المرحلة. ولكن هذا التحول لم يحدث لأن الروح التى دفعت إليه خبت بأسرع مما كان متوقعاً.
وثمة شواهد كثيرة تدل على أن شيئاً مثل ذلك يحدث الآن، وأن الحرية التى اندلعت من أجلها ثورة 25 يناير باتت فى خطر كبير. وما الإعلان الدستورى الذى أصدره الرئيس محمد مرسى قبل أيام إلا الدليل الأقوى على هذا الخطر. وفى المشهد السياسى الحالى شواهد أخرى لا تقل أهمية، وفى مقدمتها الإصرار على فرض دستور ليس له من اسمه نصيب، لأن الجمعية التأسيسية فقدت شرعيتها السياسية والأخلاقية بعد أن أصبحت مقصورة على تيار واحد بفصائله المتعددة الأسماء.
ومع ذلك، ربما لا يكرر التاريخ نفسه ويعيد إنتاج الانتكاسة الكبرى التى تعرضت لها إرهاصات التطور الديمقراطى الذى بدأ مقترنا بالروح التى دبت فى المجتمع إبان حرب أكتوبر 1973 وبعيدها، رغم ما يبدو من تشابه فى منهجى محمد مرسى الآن وأنور السادات حينئذ. فالمادة السادسة فى «الإعلان الدستورى» الأخير تبدو كما لو أنها إعادة إنتاج لقانون حماية الجبهة الداخلية والسلام الاجتماعى (القانون 33 لسنة 1978) الذى كان إحدى أهم أدوات السادات فى وقف التطور الديمقراطى، كما أن مرسى استخدم الادعاء بحماية ثورة 25 يناير وسيلة لمحاولة فرض ديكتاتورية، بينما استغل السادات ثورتى 23 يوليو و15 مايو للغرض نفسه.
فلا تعديل إلا فى الصياغة بين مواجهة (خطر يهدد ثورة 23 يوليو 1952 ومبادئ 15 مايو 1971 التى تقوم على تحالف قوى الشعب العاملة والسلام الاجتماعى والوحدة الوطنية..) والتصدى لخطر (يهدد ثورة يناير أو حياة الأمة أو الوحدة الوطنية أو سلامة الوطن..). فالمنهج واحد وهو منح رئيس الجمهورية سلطة مطلقة يستحيل أن يحدث أى تطور ديمقراطى فى ظلها.
ورغم أن السلطة التى منحها الرئيس مرسى لنفسه أوسع بكثير، فقد لا يكون هذا مؤشرا على أنه سيحقق مثل ما أنجزه السادات الذى نجح فى وقت التطور الديمقراطى. فربما يكون هذا دالاً على العكس، وهو ضعف ثقة مرسى فى شعبيته لأن الرئيس الذى يعطى نفسه سلطة مطلقة يشعر بالوهن وليس بالقوة. ولذلك فهو قد لا يكون فى وضع يتيح له تحقيق شىء مما نجح فيه السادات، حيث لا تزال روح 25 يناير محلقة فى سماء مصر وقابلة لأن تتجسد على الأرض مجدداً كما ظهر بوضوح الثلاثاء الماضى. كما أن مصر 2012 تختلف كثيرا عما كانت فيه عام 1978، بعد أن تضاعف عدد سكانها وازدادت نسبة الشباب فى مجتمعها. كما اكتسب قطاع غير قليل منهم وعياً لا سابق له بفعل ثورة الاتصالات والمعرفة، وصار أكثر حيوية وأوفر استعداداً للمقاومة والتضحية من أجل الحرية والكرامة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
المدونة غير مسئولة عن أي تعليق يتم نشره على الموضوعات