نخطئ إذا اعتبرنا أن ما جرى فى إمبابة سببه مشكلة عاطفية بين مسلم وقبطية تحولت عن دينها وهربت معه. ذلك أن هذه المشكلة ليست سوى عود الثقاب الذى ألقى فى ساحة مشبعة بالبنزين. بالتالى فإن قضيتنا ليست فى العود الذى أشعل الحريق، ولكنها بدرجة ما فيمن أشعل العود وبدرجة أكبر فى الساحة الجاهزة للاشتعال والانفجار. ويكتسب الحدث أهمية خاصة حين يقع فى ظل ثورة تعلقت بها عيون وأحلام الملايين فى مصر وخارجها ومن ثم يصبح الحدث بمثابة قنبلة انفجرت فجأة فى وجه تلك الملايين وفى وجه الثورة ذاتها.
ليس لى أى كلام فيما هو خاص فى الموضوع، فلا المسلمون زادوا بتحول السيدة عن دينها ولا الأقباط نقصوا، فضلا عن أن الطرفين خسرا وكان الوطن هو الخاسر الأكبر. وإن كنت أفهم امتعاض العائلات من مثل هذه التحولات، لكنى لم أفهم حتى الآن احتجاز المتحولات فى بيوت التكريس أو الأديرة، فى دولة ذات سيادة ولديها قوانين ومؤسسات حقوقية تحاسب البشر عن أى خرق أو تجاوز.
فى ذات الوقت، فلسنا نحن الذين نجيب عن السؤال من أشعل عود الثقاب، وإن كنا نعرف جيدا من صاحب المصلحة فى إشعاله. أعنى أن سلطة التحقيق وأجهزة التحرى والبحث هى الأولى بالكشف عن هذا الجانب. وهى المنوط بها تحديد ما إذا كان التعصب وراء ما جرى، أم أنه البلطجة أم أن لفلول الحزب الوطنى يدا فيه، أم أن هناك أصابع أجنبية وراء عملية التفجير. إن تلك كلها أطراف ذات مصلحة مرشحة. لكن ليس بوسعنا أن نحدد مَن مِن تلك الأطراف حضر ومن غاب، وما نصيب كل من حضر فيما جرى.
سيظل ذلك الجانب غامضا إلى أن تنتهى التحقيقات والتحريات وتنجلى تلك الخلفية. لكننا تلقينا مما جرى عدة رسائل من بينها ما يلى:
● إن ثمة غضبا قبطيا وشعورا عميقا بالمرارة، اقترنا بدرجة عالية من الحساسية وسوء الظن. وهى مشاعر قد تكون مبررة، لكن حدودها تظل بحاجة إلى ضبط، بحيث نميز بين ما هو مقبول ومعقول من أسباب الغضب، وما ليس مقبولا أو معقولا. فنحن نفهم مثلا أن ينصب ذلك على ممارسات بعض المسلمين، لكننا لابد أن نستغرب أن يوجه إلى كل المسلمين أو إلى حضور الإسلام فى البلد.
● إن السلفيين لم يكونوا الطرف الأساسى فى المشكلة. وإذا كان بعضهم قد تواجد أمام كنيسة مارمينا، فإن حضورهم كان ضمن غيرهم من المسلمين الذين تجمهروا تضامنا مع الرجل الذى جاء يبحث عن زوجته التى قيل له إنها محتجزة فى بيت «التكريس» المجاور للكنيسة.
● إن قبطيا هو الذى بدأ بإطلاق الرصاص على المتجمهرين وإن طلقات أخرى وزجاجات المولوتوف انهالت عليهم من نظرائه فى المنازل المجاورة. الأمر الذى يعطى انطباعا بأنه كان هناك استعداد للتحدى والتصعيد. وذلك تطور نوعى جدير بالملاحظة والانتباه.
● نشرت صحيفة الوفد يوم الثلاثاء 10/5 أسماء 110 من المصابين وجدت أن بينهم 30 قبطيا و80 من المسلمين، الأمر الذى أيد المعلومات التى ذكرت أن المصابين من المسلمين ضعف نظائرهم من الأقباط. وهذه النسبة لم تستوقف أحدا من المحللين أو المعلقين. على الأقل فى البرامج التليفزيونية التى ناقشت الموضوع. وحتى فى الحديث عن القتلى الذين توزعوا مناصفة على الجانبين، فإن مقدمى تلك البرامج أبدوا أسفهم لمقتل الأقباط الستة (فى رواية أخرى أنهم أربعة فقط) وكانوا محقين فى ذلك لا ريب، إلا أنهم تجاهلوا تماما المسلمين الذين قتلوا أيضا. وأهمية هذه الأرقام تكمن فى أنها تدعونا إلى قراءة المشهد من زاوية أوسع وربما من منظور مختلف.
● يلفت الانتباه أن كنيسة مارمينا التى قصدها المسلمون فى البداية بمظنة أن قسيسها يحتجز الزوجة تعرضت للرشق والتخريب فقط، فى حين أن كنيسة العذراء التى توجهوا إليها بعد ذلك أحرقت تماما. ولا تفسير لذلك سوى أن المجموعة حين ووجهت بالرصاص وزجاجات المولوتوف عند الكنيسة الأولى ثم شاع بينهم أن مسجدا أحرق، فإنها قررت الانتقام واستهدفت إحراق الكنيسة الثانية.
● إن الحاضر الأكبر فى المشهد كانوا هم البلطجية، أما الغائب الأكبر فكان رجال الأمن. وكان ذلك الغياب أوضح ما يكون حين تبين أن الذين استهدفوا الكنيسة الثانية قطعوا مسافة تجاوزت كيلومترين فى مسيرة غاضبة ولم يعترض طريقهم أحد من رجال الأمن.
المشكلة أن عيدان الثقاب كثيرة وأن الساحة المصرية مازالت مشبعة بالبنزين.
ليس لى أى كلام فيما هو خاص فى الموضوع، فلا المسلمون زادوا بتحول السيدة عن دينها ولا الأقباط نقصوا، فضلا عن أن الطرفين خسرا وكان الوطن هو الخاسر الأكبر. وإن كنت أفهم امتعاض العائلات من مثل هذه التحولات، لكنى لم أفهم حتى الآن احتجاز المتحولات فى بيوت التكريس أو الأديرة، فى دولة ذات سيادة ولديها قوانين ومؤسسات حقوقية تحاسب البشر عن أى خرق أو تجاوز.
فى ذات الوقت، فلسنا نحن الذين نجيب عن السؤال من أشعل عود الثقاب، وإن كنا نعرف جيدا من صاحب المصلحة فى إشعاله. أعنى أن سلطة التحقيق وأجهزة التحرى والبحث هى الأولى بالكشف عن هذا الجانب. وهى المنوط بها تحديد ما إذا كان التعصب وراء ما جرى، أم أنه البلطجة أم أن لفلول الحزب الوطنى يدا فيه، أم أن هناك أصابع أجنبية وراء عملية التفجير. إن تلك كلها أطراف ذات مصلحة مرشحة. لكن ليس بوسعنا أن نحدد مَن مِن تلك الأطراف حضر ومن غاب، وما نصيب كل من حضر فيما جرى.
سيظل ذلك الجانب غامضا إلى أن تنتهى التحقيقات والتحريات وتنجلى تلك الخلفية. لكننا تلقينا مما جرى عدة رسائل من بينها ما يلى:
● إن ثمة غضبا قبطيا وشعورا عميقا بالمرارة، اقترنا بدرجة عالية من الحساسية وسوء الظن. وهى مشاعر قد تكون مبررة، لكن حدودها تظل بحاجة إلى ضبط، بحيث نميز بين ما هو مقبول ومعقول من أسباب الغضب، وما ليس مقبولا أو معقولا. فنحن نفهم مثلا أن ينصب ذلك على ممارسات بعض المسلمين، لكننا لابد أن نستغرب أن يوجه إلى كل المسلمين أو إلى حضور الإسلام فى البلد.
● إن السلفيين لم يكونوا الطرف الأساسى فى المشكلة. وإذا كان بعضهم قد تواجد أمام كنيسة مارمينا، فإن حضورهم كان ضمن غيرهم من المسلمين الذين تجمهروا تضامنا مع الرجل الذى جاء يبحث عن زوجته التى قيل له إنها محتجزة فى بيت «التكريس» المجاور للكنيسة.
● إن قبطيا هو الذى بدأ بإطلاق الرصاص على المتجمهرين وإن طلقات أخرى وزجاجات المولوتوف انهالت عليهم من نظرائه فى المنازل المجاورة. الأمر الذى يعطى انطباعا بأنه كان هناك استعداد للتحدى والتصعيد. وذلك تطور نوعى جدير بالملاحظة والانتباه.
● نشرت صحيفة الوفد يوم الثلاثاء 10/5 أسماء 110 من المصابين وجدت أن بينهم 30 قبطيا و80 من المسلمين، الأمر الذى أيد المعلومات التى ذكرت أن المصابين من المسلمين ضعف نظائرهم من الأقباط. وهذه النسبة لم تستوقف أحدا من المحللين أو المعلقين. على الأقل فى البرامج التليفزيونية التى ناقشت الموضوع. وحتى فى الحديث عن القتلى الذين توزعوا مناصفة على الجانبين، فإن مقدمى تلك البرامج أبدوا أسفهم لمقتل الأقباط الستة (فى رواية أخرى أنهم أربعة فقط) وكانوا محقين فى ذلك لا ريب، إلا أنهم تجاهلوا تماما المسلمين الذين قتلوا أيضا. وأهمية هذه الأرقام تكمن فى أنها تدعونا إلى قراءة المشهد من زاوية أوسع وربما من منظور مختلف.
● يلفت الانتباه أن كنيسة مارمينا التى قصدها المسلمون فى البداية بمظنة أن قسيسها يحتجز الزوجة تعرضت للرشق والتخريب فقط، فى حين أن كنيسة العذراء التى توجهوا إليها بعد ذلك أحرقت تماما. ولا تفسير لذلك سوى أن المجموعة حين ووجهت بالرصاص وزجاجات المولوتوف عند الكنيسة الأولى ثم شاع بينهم أن مسجدا أحرق، فإنها قررت الانتقام واستهدفت إحراق الكنيسة الثانية.
● إن الحاضر الأكبر فى المشهد كانوا هم البلطجية، أما الغائب الأكبر فكان رجال الأمن. وكان ذلك الغياب أوضح ما يكون حين تبين أن الذين استهدفوا الكنيسة الثانية قطعوا مسافة تجاوزت كيلومترين فى مسيرة غاضبة ولم يعترض طريقهم أحد من رجال الأمن.
المشكلة أن عيدان الثقاب كثيرة وأن الساحة المصرية مازالت مشبعة بالبنزين.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
المدونة غير مسئولة عن أي تعليق يتم نشره على الموضوعات