آخر تحديث: الخميس 12 مايو 2011 10:37 ص بتوقيت القاهرة
ويضيف البرادعى فى الفصل العاشر من كتابه «زمن الخداع» انه بالرغم من «تفهم الدول، على الاقل من الناحية النظرية، لعمل الوكالة فإن التطبيق قد يكون مختلفا أحيانا، حيث ان مهام التفتيش والتحقق التى تقوم بها احيانا ما تخضع لضغوط الدول التى تبدو عازمة فى دفع الامور فى هذا الاتجاه أو ذاك، وهو الدفع الذى ترفض الوكالة الخضوع له على الرغم مما تتعرض له بسبب ذلك من اتهامات بالانحياز او تجاهل الادلة او تجاوز المسئوليات القانونية لعمل الوكالة».
كوريا الجنوبية والهند وباكستان
ويطرح البرادعى الامثلة على مدى قدرة الدول الاعضاء فى الوكالة الدولية للطاقة الذرية على إبداء التفهم او عدمه إزاء بعض الحالات بنموذج ما حدث مع كوريا الجنوبية فى عام 2004 عندما وجد مفتشو الوكالة دلائل على نشاطات نووية لم تبلغ سول عنها الوكالة، وهو ما أقرت به سول بالفعل وأرجعته إلى قرارات من قبل بعض العلماء بإجراء تجارب دون اخطار الحكومة التى اتخذت خطوات مباشرة لتصحيح الوضع.
وبحسب ما يطرحه البرادعى فى «زمن الخداع» فإن الولايات المتحدة الامريكية قررت أن ما قامت به كوريا الجنوبية فى هذه الحالة لا يرقى إلى مستوى الخرق لالتزامات سول وقررت عدم إحالة الواقعة إلى مجلس الأمن. بل إن مجلس محافظى الوكالة الدولية للطاقة الذرية اكتفى بأن «يأخذ علما» بتقرير أعده البرادعى حول تفاصيل هذه القصة التى يرويها فى صفحات الفصل العاشر من كتابه المعنون بـ«المعايير المزدوجة».
التباين فى التعامل الأمريكى تكرر ثانية، حسبما يروى البرادعى، فى التعامل مع حالتى الهند وباكستان. فى عام 2006، فبالرغم من ان واشنطن أبدت ارتياحا لدعم البرادعى لقرارها التعاون النووى السلمى مع الهند ــ وهو القرار الذى يقول المدير السابق للوكالة الذرية انه اتخذه، رغما عن اتهامات وجهت له بالتماهى مع سياسات إدارة بوش، لأنه كان يرى فيه فتحا لنافذة لعمل الوكالة فى متابعة المنشآت السلمية النووية فى الهند، فإن واشنطن لم تبد نفس القدر من الترحاب بدعمه لتعاون بين باكستان وبلجيكا لتطوير ورفع كفاءة وتأمين مفاعل نووى باكستانى قديم فى كراتشى ــ لاسباب سياسية فيما رآه «تسييسا للأمان النووى».
مصر
«وبالنسبة لمصر ايضا وجد مفتشو الوكالة الدولية للطاقة الذرية فى عام 2004 دلائل من المسوحات، وكذلك من الوثائق، على ان العلماء المصريين قاموا باختبارات متنوعة باستخدام مواد نووية دون إخطار الوكالة بذلك. وقد تخاطبت الوكالة فى ذلك مع السلطات المصرية المعنية مشيرة إلى ما لديها من دلائل تفيد بوقوع بعض التجارب وان بعض هذه التجارب يرجع إلى عقد الثمانينيات من القرن الماضى، وفيما بدا بعد ذلك فإن هذه المسوحات والوثائق قد تركت فى مواقعها منذ عقود فى مفاعل انشاص دون أى اهتمام أو متابعة، كما ان اجهزة تبلغ قيمتها ملايين الدولارات قد تركت فى غرف مغلقة لم يفتحها احد منذ عقود» يقول البرادعى، ويضيف أن المصريين كانوا «يودون لو تم تأخير زيارة مفتشى الوكالة بما يسمح لهم بتنظيف هذه الغرف، ولم يكن مدير الوكالة الوطنية للطاقة الذرية على متولى اسلام على على علم بهذا الامر وهو ما وضعه والسلطات المصرية فى موقف محرج»، حيث ان مجلس الوكالة رأى أن هناك علامات استفهام حول الموقف المصرى فى هذا الشأن.
رواية البرادعى حول الحالة المصرية تمتد إلى ما بعد هذا التاريخ بسنوات «عندما أعلن جمال مبارك، ابن رئيس الجمهورية، فى اجتماع للحزب الحاكم أن مصر يجب ان تسعى لتطوير برنامج نووى لاستخدامات الطاقة» وهو الأمر الذى وجد المدير السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية أنه وجد ترحيبا من الإعلام الرسمى المصرى «بصورة تعبر عن الجهل وتدعو للغضب وتوحى بأن الإعلام تم استخدامه لخدمة أغراض جهة ما».
ويستطرد البرادعى: «وفى يناير 2007 التقيت حسن يونس وزير الكهرباء المصرى، فكان أول حديث «رسمى» بينى وبين اى من المسئولين المصريين حول هذا الامر. وكان التساؤل الذى اثرته هو عدم قيام الحكومة المصرية بما هو معتاد فى مثل هذه الحالات من طلب المشورة الفنية من الوكالة الدولية للطاقة الذرية».
رد يونس، حسب الرواية الآتية فى «زمن الخداع» أن «الحكومة المصرية لم تقرر شيئا بعد وانها مازلت تجرى «دراسات» وانها تتشاور مع شركة بكتل المملوكة امريكيا». وهو ما دفع بالبرادعى لأن يلفت نظر محدثه المصرى «أن ما تقوم به مصر ليس بالطريق السليم وأن ما عليها القيام به هو اللجوء للوكالة وليس لأى دولة للحصول على المشورة الفنية واجراء دراسات التقييم المتعلقة بالجوانب الاقتصادية والسلامة والبيئة».
وبعبارات متتالية وواضحة يضيف البرادعى ما ينقل لقارئه إحساس القلق الذى يبدو أنه انتابه: «وكنت حريصا على وجه الخصوص على التأكيد على ما يتعلق بعوامل السلامة، مشيرا فى هذا المجال للعديد من الحوادث المصرية الكبيرة فى مجالات النقل المائى والبرى وكذلك إلى أن مصر ليس لديها من الخبرة ما يدعو للثقة فيما يتعلق بقدرتها لتأمين مفاعل نووى ــ حيث كانت الوكالة قد اخبرت مصر قبل عشرين عاما بينما كانت مصر تفكر فى انشاء مفاعل نووى للاغراض السلمية أن الاجراءات الامنية ضد احتمالات الاشعاع المتبعة فى مصر ليست كافية.
ولقد تعرض مصريون فى عدد من الحالات لإصابات جراء التعرض لاشعاع نووى بصورة غير مبررة ومع ذلك فإن الحكومة المصرية لم تقم بتعديل القوانين المعمول بها تبعا لتوصيات الوكالة، بل ان هذا القانون ترك بدون تعديل حتى عام 2010».
ثم ينقل البرادعى قارئ «زمن الخداع» من مشاعر القلق لمشاعر الغضب المختلط بالأسى الذى يبدو انه قد انتابه وهو يكتب، «وكانت دراسات سابقة للوكالة قد أوضحت أن مصر لديها بالفعل امكانات نووية لم تتم الاستفادة منها بالدرجة الكافية على الاطلاق، وبالتالى فإذا كانت مصر تسعى لتطوير اسباب البحث العلمى وانتاج طاقة كهربائية نووية فإنه ربما عليها ان تنظر اولا فى تعظيم الاستفادة من الامكانات المتاحة لها بالفعل».
ثم يضيف البرادعى أنه وفى لقاء لاحق، خلال اجتماعات دافوس، مع رشيد محمد رشيد، وزير التجارة والصناعة ــ الذى يصفه بأنه «واحد من أكفأ المسئولين المصريين»، أكد نفس وجهة النظر، واشار إلى «أن اهم شىء فيما يتعلق بمسألة الطاقة النووية ليس عنصر السرعة ولكن عنصر الدراسات التى تسبق هذا المشروع بحيث يتم على النحو السليم».
ويضيف البرادعى فيما ينقله عن هذا اللقاء انه أيضا اخبر رشيد «بأن تلك الدراسات يجب ان تشمل النظر فيما لدى مصر من البترول والغاز أولا»، كما انه اكد له «انه حتى إذا ما قررت مصر انها بحاجة لمفاعل نووى لإنتاج الطاقة فإن ذلك الامر سيستغرق عشر سنوات للحصول على البنية التحتية اللازمة».
«ووعد رشيد بنقل وجهة النظر هذه إلى الرئيس وهو ما كان وبالتالى اصبح التناول الاعلامى لهذه القضية فى مصر اكثر اتزانا بما فى ذلك تناول الاعلام الرسمى المصرى»، بحسب البرادعى ــ فى إشارة ربما إلى انه استطاع ان يقنع حسنى مبارك أو ان يقنع رشيد الذى لديه القدرة على اقناع الرئيس المصرى فى حينه.
اللقطة التالية من حديث البرادعى حول مصر تأتى بعد عامين آخرين، فى 2009 عندما «عادت الاتصالات المتوالية بين مصر والوكالة الدولية للطاقة الذرية مع طلب الوكالة لاستيضاح اصل جزيئات من اليورانيوم العالى التخصيب تم الحصول عليها خلال اختبارات بيئية جرت فى مركز انشاص البحثى».
وبحسب البرادعى فإن الرد المصرى كان أن هذه الجزيئات ربما كان مصدرها من احدى العبوات التى تم استيراد معدات بها. غير ان هذا الرد لم يحل دون قيام رئيس العلاقات الخارجية بالوكالة من ان يشير إلى الامر فى تصريحات علنية على اساس ان هذا الشأن سيكون علنيا من خلال تقرير الوكالة، من ناحية، ومن ناحية اخرى فلقد رأى رئيس العلاقات الخارجية بالوكالة أن فى مثل هذا التصريح تأكيدا على إعمال مبدأ الشفافية حتى مع مصر، الدولة الأم للبرادعى، فى وقت كان الاخير فيه يتعرض حسبما يقول «لاتهامات كانت بدأت تتردد فى بعض وسائل الاعلام بأننى لا اتعامل مع مصر بكل مقتضيات الشفافية بالنظر لكونى مصريا».
ولا يخفى البرادعى أسى وهو يروى لقارئ كتابه ردة الفعل المصرى التى بدأت بخطاب رسمى من سفير القاهرة فى فيينا، إيهاب فوزى، يتهم الوكالة الدولية بتسييس متعمد للواقعة بل وللافتقار للمهنية فى التعامل مع الامر أو لسوء النية من قبل المنظمة الدولية، ثم تبع ذلك «التصريح الذى صدر عن المتحدث الرسمى للخارجية المصرية والذى تناقلته وكالات الانباء حيث اشار إلى ان تقرير الوكالة حول جزيئات اليورانيوم الشديد التخصيب مبنى على معلومات «قديمة وخاطئة».
«فى كل الاحوال فإن الخطاب الذى اتى به فوزى أثار غضبى وأخبرته بأن ليس هناك فيما صدر عن الوكالة ما يخالف الحقيقة، مشيرا إلى ان معاملات سابقة مع مصر اوضحت بجلاء انه ليس هناك جهة بعينها فى القاهرة على علم تام بكامل المواد والمعدات النووية التى فى حوزة البلد، مشيرا إلى ان الوكالة بذلت جهدا غير عادى لمساعدة المصريين فى حصر هذه المواد والمعدات، ومطالبا بأن تسحب القاهرة هذا الخطاب. وقلت له انه فى حال ما قررت مصر عدم سحب الخطاب فإننى سأقدمه لمجلس الوكالة مرفقا بتقرير مفصل عن سوء الاداء المصرى خلال التعاملات السابقة»، يقول البرادعى. وهو ما كان حيث قدمت القاهرة بعد ذلك بيومين خطابا مختلفا للوكالة.
وبعيدا عن كواليس ما جرى فى فيينا ودوائر القاهرة حول الشأن المصرى يضع البرادعى الأمر فى سياقه الأوسع ويقول: «والحقيقة ان مصر بالفعل تحتاج لمزيد من الطاقة، خاصة فيما يتعلق بتوليد الكهرباء، ولكن الحقيقة ايضا ان القرار المصرى بإدخال مكون الطاقة النووية ضمن حزمة انواع الطاقة المختلفة المستخدمة فى مصر، ليس ببعيد، فى رأيى، عن مجمل سياق التوتر النووى الذى يسود فى المنطقة».
ثم يضيف دون مواربة «إن التوجس من البرنامج النووى الإيرانى كان له اثره على تفكير دول المنطقة والتى بادر العديد منها لمخاطبة الوكالة الدولية للطاقة النووية، لأنه بالرغم من الضجة التى اثارها هذا الملف فإن أحدا لم يرد ان يتخلف عن حيازة الطاقة النووية ــ هذا بالطبع اضافة إلى ان واحدا من أهم أسباب الاحباط والتشكك فى المنطقة يرتبط باختلال التوازن العسكرى لصالح إسرائيل بسبب ترسانتها النووية».
إسرائيل
وحول إسرائيل يقرر البرادعى أن «الحالة الاسرائيلية حالة متفردة حيث ان اسرائيل، شأنها فى ذلك شأن الهند وباكستان، لها عضوية فى الوكالة ولكنها ليست عضوا فى اتفاقية حظر انتشار الاسلحة النووية هى بالتالى فإن مفتشى الوكالة ليس لديهم الصلاحية لتفحص برنامجها النووى».
ويضيف: «وبالرغم من ذلك فإن دولا فى المنطقة طالبتنى بأن اثير مع اسرائيل امر اخضاع منشآتها النووية لنظام الضمانات الخاص بالوكالة وان اتشاور معها ايضا حول التعاون مع مشروع اخلاء منطقة الشرق الأوسط من الاسلحة النووية».
حديث البرادعى حول الوضعية النووية لاسرائيل جاء مع رئيس وزرائها السابق آرييل شارون فى عام 2004 خلال زيارة قام بها المدير السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية، رغم تلقيه تهديدا بالقتل حال ما قام بالزيارة وصل إلى البريد الإلكترونى الخاص بزوجته عايدة ولم يتم الكشف عن هوية صاحبه.
ولا يفوت البرادعى ان يلفت نظر قرائه إلى تواضع مكتب شارون وإلى بعده عن الوجاهة التى تميل إليها مكاتب غيره من مسئولى الشرق الاوسط وإلى الصبغة العملية والمحددة التى يتسم بها الحديث مع رئيس الوزراء الاسرائيلى الذى يستمع إلى محدثيه بإصغاء ويحرص أيضا على الاستماع لنصائح مساعديه والاخذ برأيهم.
ثم يقول البرادعى: «تحدثت بصراحة، مشيرا إلى أن الردع النووى لن يخدم على المدى الطويل المصالح الاسرائيلية، وإلى توسع انتشار القدرات النووية وامكانية وصول قدرات تصنيع الأسلحة النووية لجماعات ارهابية وفى هذه الحالة فإن أى ترسانة نووية لن تجدى نفعا».
ويضيف المدير السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية أنه اخبر شارون أيضا بأن «رفض اسرائيل الحديث مع الدول العربية بصراحة عن جعل المنطقة خالية من الاسلحة النووية أو عن وضعية الترسانة النووية الإسرائيلية التى يعرف الجميع بأمرها حتى لو لم تكن اسرائيل تتحدث عنها بصراحة هو امر يدفع لانتشار مشاعر الغضب والاحباط والشعور بالإهانة عبر المنطقة، مشيرا إلى أن هذا الوضع يهدد بفقدان الرأى العام العربى لأى مصداقية فى نظام حظر انتشار الاسلحة النووية الذى لا يتقبل الحديث الاسرائيلى حول ضرورة الاحتفاظ بالترسانة النووية الإسرائيلية طالما ان اسرائيل لم تصل إلى اتفاقية سلام دائم مع جيرانها العرب لأسباب تراها اسرائيل مهددات لأمنها ووجودها، بل ان الشعوب العربية والاسلامية ترى فى ذلك استمرارا لما تقوم به اسرائيل من النيل من الحقوق الفلسطينية».
وبحسب رواية «زمن الخداع»، فإن البرادعى استفاض فقال لشارون «إنه لو قررت ايران ان تتخلى عن اتفاقية حظر انتشار الأسلحة النووية فإن هذا القرار سيكون محل ترحيب واسع على الأرجح من الشعوب الاسلامية التى سترى فى حيازة ايران للسلاح النووى انشاء للتوازن مع إسرائيل».
شارون، حسبما يشير البرادعى، «قطع على نفسه التزاما بأن يقوم بالحديث حول جعل منطقة الشرق الاوسط خالية من اسلحة الدمار الشامل وذلك فى إطار السعى لإرساء السلام العربى ــ الاسرائيلى. وكانت هذه هى اول مرة يتحدث فيها مسئول اسرائيلى عن هذا التوجه، لأن المسئولين الاسرائيليين كانوا قد دأبوا على ربط بداية الحديث عن جعل منطقة الشرق الاوسط خالية من اسلحة الدمار الشامل بتحقيق كامل للسلام العربى ــ الاسرائيلى».
ويقول البرادعى إنه فسر «التحول فى الموقف الذى ابداه شارون» على أنه «تعبير عن ادراكه لتزايد واتساع حجم الغضب فى العالم العربى ولخطورة احتمال حصول الجماعات المتطرفة على أسلحة نووية إضافة ــ ربما ــ إلى رغبته فى ان تبدو اسرائيل بمظهر اكثر مرونة إزاء هذا الملف». ثم يضيف «والأهم من ذلك كله فلقد رأيت ان هذا التحول فى الموقف مرتبط بخشية متزايدة على الجانب الاسرائيلى من تطور البرنامج النووى الإيرانى».
ولا ينهى البرادعى حديثه عن هذه الصفحة من الملف الاسرائيلى دون ان يقرر أنه «بالنسبة للعالمين العربى والاسلامى فإن تعامل المجتمع الدولى مع الترسانة النووية الاسرائيلية كان تطبيقا صارخا للمعايير المزدوجة التى تميز بين من يراه المجتمع الدولى دولا جيدة وتلك التى يراها دولا غير سيئة».
ويضيف: «وكنت قد طالبت لفترة بأن يتبنى المجتمع الدولى نهجا جديدا إزاء اسرائيل والهند وباكستان، بوصف ان هذه الدول لم تنضم لاتفاقية حظر انتشار الأسلحة النووية، مقترحا ان يكون التعامل معها بوصفهم شركاء نوويين وليسوا دولا خارجة على النظام النووى المقرر، لأن هذه الدول لم تخرق اية اتفاقات بتطويرها للسلاح النووى ولاعتقادى ان اى حديث جاد حول وقف انتشار الأسلحة النووية لا يمكن ان يتم بدون مشاركة الدول النووية فيه، وعلى سبيل المثال فإن التفاوض لجعل الشرق الاوسط منطقة خالية من الاسلحة النووية لا يمكن ان يتم بدون اسرائيل».
سوريا
«إن واحدة من ابرز صور الادعاء وأكثرها تضليلا فى سياق التعامل مع الملفات النووية هى تلك الضربة العسكرية التى قامت بها اسرائيل ضد منشأة دير الزور فى سبتمبر 2007 وما اعقب هذا الهجوم من ادعاءات بأن هذه المنشآت كانت بها نشاطات نووية وهو الامر الذى لم تعلق عليه اسرائيل او امريكا بصورة علنية، بالرغم من تسريبات صحفية امريكية لم تنسب لمسئولين بأعينهم»، يقول البرادعى بكل مباشرة.
ورغم مطالبة البرادعى بأن تقدم الدول الاعضاء اية معلومات قد تكون لديها حول حقيقة البرنامج النووى السورى المزعوم، فإن احدا لم يتقدم بأى معلومات.
وعوضا عن ذلك تم شن حملات اعلامية اسرائيلية وامريكية ضد الرجل، حسبما يروى لقارئه، كونه صرح للإعلام بأنه ليس لديه ما يفيد بأن المنشأة التى تعرضت للقصف العسكرى الاسرائيلية كانت منشأة نووية أم لا، وانه فى كل الاحوال لا يجوز ان تتم مهاجمة دولة ما بادعاء سعيها لامتلاك السلاح النووى ثم السعى لإثبات هذا الادعاء.
ولكن الحملات الاسرائيلية والامريكية التى تعرض لها البرادعى لم تكن هى ما أثار دهشته قدر تخاذل الدول العربية الاعضاء فى الوكالة الدولية للطاقة الذرية عن ابداء الرفض لما تعرضت له سوريا بل وتباطؤ سوريا ذاتها فى تقديم دلائل سلامة موقفها وما تبع ذلك من عدم استعجال الولايات المتحدة الامريكية لتقديم سوريا لهذه الدلائل «وهو ما أشار ربما لإجراء حوار سياسى غير معلن عنه بين واشنطن ودمشق».
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
المدونة غير مسئولة عن أي تعليق يتم نشره على الموضوعات