الأقسام الرئيسية

انهم يدفعون العراق نحو إيران!

. . ليست هناك تعليقات:


ملف العلاقات الشائكة مع دول الجوار له تأثير ونتائج تتحدد ايجابياتها من سلبياتها طبقا لما تقوم به هذا الدولة تجاه العراق.

ميدل ايست أونلاين


بقلم: مهند حبيب السماوي


تتحدد علاقات الحكومة العراقية بدول جواره وفقا لثلاثة عوامل رئيسية هي العامل الطائفي والأخر القومي والثالث البراغاماتي، إذ تساهم تلك العوامل في بلورة علاقات صداقة ايجابية تتضمن تعاونا مختلفا على شتى الأصعدة أو على العكس من ذلك تُبنى علاقات سلبية قائمة على أساس الاتهام والتشكيك ومحاولة كل منها إلقاء أسباب مشاكلها الداخلية، الأمنية خصوصا، على تلك الجارة التي لم تصن حقوق الجار الأخلاقية قبل حقوقها السياسية.

وتُعد علاقات العراق بدول جواره أحدى أهم التحديدات التي تواجه الحكومة الثانية للسيد المالكي، كما هي الحال بالنسبة لحكومته الأولى، حيث يتطلب من الحكومة في المرحلة الحالية أن تقيم علاقات متطورة مع دول الجوار من اجل كسر الحاجز النفسي والسياسي الذي ارتسم في أفق هذه العلاقات بعد سقوط نظام صدام وصعود الشيعة لحكم العراق بعد سنوات المعارضة والاضطهاد التي عاشوها في ظل أنظمة حكم حُسبت على السنة.

فملف العلاقات الشائكة مع الدول المجاورة له تأثير ونتائج تتحدد ايجابياتها من سلبياتها طبقا لما تقوم به هذا الدولة تجاه العراق وخصوصا في الملفات الجوهرية الثلاثة التي ترتبط بالسياسة أولا من خلال التبادل الدبلوماسي وتحسين العلاقات السياسية بينهما والأمن ثانيا عبر تشديد الحدود ومراقبتها لمنع تسلل المسلحين الى العراق، والاقتصاد ثالثا كما يظهر في إقامة سوق مشتركة لتنشيط اقتصاد البلدين وتبادل البضائع وما يمكن أن يندرج ضمن اطر التعاون الاقتصادي الايجابي بين البلدين.

والعراق في ظل المعطيات السياسية المتوافرة لحد الآن يحاول أن لا يكون جزءا من أي محور إقليمي في المنطقة ضد محور آخر كما قال ذلك صراحة السيد رئيس الوزراء نوري المالكي في لقاءه الأخير مع صحيفة وول ستريت جورنال بتاريخ 28-12-2010 حيث اشار الى انه من المستحيل "ان ينجر العراق الى اي محور أو مدار، ونحن نرفض بدورنا ذلك سواء جاءت هذه المحاولة من إيران اوتركيا أو العرب"، فالعراق يحاول أن يلتزم الحياد في خضم سياسة المحاور التي يغلب طابعها على المنطقة التي انجرت إليها تحت مبررات وأسباب ربما تكون وجيهة وتحتمل المصداقية نوعا ما، خصوصا والصراعات السارية الآن أصبحت تتجه نحو التكتلات والمجاميع أكثر من كونها فردية.

ومع ذلك فإننا لا نستطيع أن ننفي وجود سلوكيات وتصرفات تقوم بها دول الجوار تؤدي إلى أن يخرج العراق من هذا الحياد وينتقل إلى تبني سياسة أخرى، فقد كشفت وثائق ويكيليكس عن مراسلات وبرقيات خلال السنتين الأخيرتين كتبها السفير الأميركي السابق في العراق كريستوفر هيل يتحدث فيها عن علاقة العراق بدول الجوار وخصوصا المملكة العربية السعودية والكويت وإيران وتركيا في أعقاب تفجيرات 19 آب الدامية، كشفت عما يمكن أن يدفع العراق نحو إيران بصورة أو بأخرى.

البرقيات التي نشرتها ويكيلكس تكشف عن توجه عربي واضح لا لبس فيه لدعم سنة العراق ضد الشيعة. فالمملكة العربية السعودية، وحسب الوثائق، تستخدم المال وسلطة الإعلام من اجل دعم توجهات وطموحات السنة السياسية ضد الأحزاب الشيعية، مما يؤدي ذلك، برأي المحللين، إلى الوصول إلى نتيجة تخشاها هذه الدول العربية نفسها وهي "دفع العراق لكي يكون أكثر قربا إلى إيران" كما استنتجت ذلك صحيفة الواشنطن بوست في بداية الشهر الماضي وكانت عنوانا لافتتاحيتها.

تقول المراسلات التي كتبها السفير الأميركي، بتاريخ 24- سبتمبر2009، إلى إن "علاقة العراق مع جيرانه تمثل عنصرا حرجا في جهوده للمحافظة على الأمن والاستقرار وتطبيع وضعه في الخليج وفي المنطقة، فبينما حقق العراق تقدما ملموسا في عام 2008-2009 في ملف الأمن الآن انه لم يحقق نظيره في علاقاته مع السعودية والكويت وسوريا". فهجمات 19 آب التي استهدفت بناية وزارة الخارجية العراقية شكّلت "العامل الحاسم في تراجع هذه العلاقات" التي لم تتحسن أصلا.

وتشير البرقيات إلى أن "هدف السعودية واغلب الدول العربية وان بدرجات مختلفة هو تعزيز تأثير السنة في العراق والتخفيف من سيطرة الشيعة وتقوية قيام حكومة ضعيفة ومقسمة في العراق"، وفي نفس الوقت تتحرك جهود إيران" بواسطة إصرار واضح على رؤية الحكومة الشيعية معزولة عن الولايات المتحدة الاميركية امنيا ومعتمدة استراتيجيا على إيران".

فالمملكة العربية السعودية، وفي إحدى العناوين الفرعية للبرقيات التي تقول "السعودية العربية ضد الشيعة كسياسة خارجية" كانت تنظر للعراق دوما كحاجز لمنع انتشار التشيع ونفوذ إيران في المنطقة، بينما الآن الوضع تغير وأصبح الشيعة فيه على غير ما تريده المملكة حيث تقدم الشيعة الى الواجهة السياسية وأضحكت الحكومة ممهورة بهم.

ونحن نتفق مع الواشنطن بوست في قراءتها التحليلية لهذه الوثائق وتداعياتها على العلاقة بين العراق ودول الجوار العربي وخصوصا في الرأي الذي يقول ان العداء العربي للعراق الجديد أمر لاشك فيه لكن الأمر المثير في المسألة أن هذه البرقيات تأتي في وقت جددت فيه ولاية السيد نوري المالكي وأصبح الآن رئيس وزراء العراق للفترة المقبلة.

ولهذا على الدول العربية ان تتعامل مع ذلك، شاءت ام ابت، لا ان تنطلق في التعامل معه من منطلق اعتبار رئيس وزراء العراق "عميل أيراني" كما وصفه الملك السعودي في المراسلات السرية التي كشفتها ويكيليكس.

المعطيات التي تكشفها هذه المراسلات سوف تدفع العراق الى البحث عن فتح أواصر علاقات ايجابية مع إيران التي تتمنى ذلك، حيث ترغب بكل قوة أن ترى العراق سائرا في ركبها وحينها لا يجب أن تعاتب تلك الدول العربية اصطفاف العراق مع ايران ووقوفه معه في شتى المواقف، إذ أنهم بلا ريب هم من دفع العراق لهذا الموقف وهم يجب ان يتحملوا النتائج المترتبة عليها.

مهند حبيب السماوي

alsemawee@gmail.com

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

المدونة غير مسئولة عن أي تعليق يتم نشره على الموضوعات

اخر الاخبار - الأرشيف

المشاركات الشائعة

التسميات

full

footer