
بيروت، لبنان (CNN) -- لطالما اشتهرت العاصمة اللبنانية بيروت بالحياة الليلية الممتعة، والشواطئ الفسيحة، مما جعلها تحظى بلقب "باريس الشرق الأوسط"، بعد سنوات الحرب الطويلة.
ولعل هذه الجاذبية دفعت الكثير من المتعهدين وشركات الإنشاءات إلى استثمار مليارات الدولارات في شقق سكنية وأبراج تصل حد السماء، غير أن ثمن ذلك كله هو تدمير التراث المعماري للمدينة.
فالعمل يجري حاليا في البرلمان اللبناني على سن قانون يهدف إلى حماية الإرث المعماري للمدينة، أو على الأقل، ما تبقى منها.
وخلال الأشهر القليلة الماضية التحق آلاف المتطوعين، ومعظمهم عبر موقع فيسبوك، بحملة شعبية تسعى للضغط على الحكومة، وتوجيه اهتمام المجتمع الدولي إليها.
تقول باسكال إنيغا، فنانة لبنانية وإحدى مؤسسات هيئة حماية الآثار اللبنانية: "يسعى المتعهدون لتحويل بيروت إلى نسخة طبق الأصل عن دبي، ونحن نعلم أن لكل مدينة صورتها الخاصة، ولا يمكننا أن نصبح كدبي في يوم من الأيام، فلبنان ليست صحراء، ونحن نمتلك ثقافتنا الخاصة."
ويعكس الإرث المعماري الذي تتمتع به بيروت تاريخها الغني، والذي يعود إلى عهد الاستعمار الفرنسي، إضافة إلى نحو 400 عام من الحكم العثماني.
وقد تعرضت الكثير من المباني القديمة للتدمير خلال الحرب الأهلية بين عامي 1975 و1990، بينما لا زالت تتعرض مبان أخرى للتهديد بفعل الثورة العمرانية الحديثة في المدينة.
من جهتها، تقول وزارة الثقافة اللبنانية إن من بين 1200 مبنى قديم تم إحصاؤها في عام 1995، لا يزال 400 مبنى منه واقفا، والرقم في هبوط.
وبحسب دراسة أجرتها مجموعة كوشمان ووايكفيلد للاستشارات، تعد بيروت أغلى مدينة في مجال العقارات من بين عشر مدن عربية.
يقول أحمد حداد، مستشار عقاري، إن الطفرة في مجال العقارات حصلت بسبب استثمار المغتربين اللبنانيين في دول الخليج بمجال العقارات عند عودتهم.
ويضيف حداد بالقول: "هناك الكثير من الأموال القادمة من الخارج، والناس مالكو المباني القديمة على استعداد لبيع ما يملكون مقابل السيولة.
وقضية الاهتمام بالمباني الأثرية في لبنان ليست جديدة، ففي فترة الستينيات تم تأسيس هيئة حماية المواقع الطبيعية والمباني القديمة على إثر زيادة القلق بشأن مصير الإرث العمراني في البلاد.
من جهته، يقول ناجي راجي، أحد الناشطين في الحملة، إن هناك تخوفا من أن تباع الهوية اللبنانية مقابل المال، وهو ما يغضب الكثير من اللبنانيين، ويجعل من مهمة حماية هذه المباني أمرا صعبا للغاية.
وقد حققت هذه الحملة عددا من النجاحات حتى اللحظة، إذ أطلقت وزارة الثقافة خدمة الاتصال الطارئ للتبليغ عن عمليات إلحاق الضرر بصورة غير مشروعة للمواقع الأثرية، كما تم إطلاق عدد من الحملات بإشراف لبنانيين مغتربين في الخارج.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
المدونة غير مسئولة عن أي تعليق يتم نشره على الموضوعات