دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- تشهد الأيام الأولى من شهر ذي الحجة توافد ملايين المسلمين إلى مكة المكرمة لزيارة بيت الله الحرام لأداء فريضة الحج، ومع دخول هذا الموسم، واقتراب عيد الأضحى، عرضت في معرض "الربع الخالي" بإمارة دبي بدولة الإمارات العربية المتحدة مجموعة من الصورة الفوتوغرافية تعود إلى القرن التاسع عشر لمكة المكرمة، وهي الصور التي تعتبر الأقدم في العالم.
هذه الصور الفوتوغرافية التقطها المستشرق الهولندي شنوك هورغرونج في وقت كانت رحلة الحج تستغرق شهورا للوصول إلى مكة، وشهورا أخرى للعودة إلى الديار، إلا أن وجه المدينة في ذلك الوقت يختلف عنها في الوقت الحاضر، كما تبين الصور.
وشنوك هورغرونج شخصية أثارت الجدل كثيرا في ذلك الوقت، فقد بهر هذا الرجل بالإسلام، وتعلم اللغة العربية من أجل أهداف أكاديمية، وصفها البعض آنذاك بالاستعمارية أيضا.
وعن شخصية هورغرونج، تقول المؤرخة الهولندية ليزيت فون هيك: "كان شنوك يرغب دائما بالذهاب إلى مكة لاهتمامه بالإسلام، ولطالما أكد في ذلك الوقت أن لحظة الطواف حول الكعبة ولمس الحجر الأسود وشرب ماء زمن كانت لحظات لا تنسى في حياته، كما أن الطريقة التي ترك فيها مكة آنذاك كانت غريبة، فقد طلبت منه قوة عسكرية تركية ترك البلاد وعدم العودة إليها مرة أخرى لأسباب لا زلنا نجهلها حتى اليوم."
وقد يتبادر إلى أذهان الكثير من متابعي هذه الصور تساؤل حول كيفية دخول شنوك إلى مكة المكرمة خصوصا وأنه من غير المسلمين، والإجابة على ذلك قدمتها ليزيت فوت هيك بالقول: "لا تزال هذه القضية موضع جدا.. لأنه شنوك كتب في مذكراته أنه تحول إلى الإسلام، كما أنه تناول قضية خضوعه لعملية ختان ومن ثم زواجه بسيدة اثيوبية... غير أن ما استخلصه شنوك في نهاية الأمر هو أن الأديان السماوية تشبه بعضها والاختلاف الوحيد بينها هو في الصلاة."
وتقدم هذه الصور نظرة شاملة على مكة المكرمة في ذلك الوقت، إذ تظهر فيها النساء وهن لا يغطين وجوههن، ويدخن الشيشة، مما يوحي بأن طبيعة حياتهن كانت مختلفة عن وقتنا الحالي، وهو أمر ذكره شنوك في مذكراته، كما ذكر أمورا كثيرة غيرها، كمعاملة العبيد على سبيل المثال.
وهنا في دبي، تجري في هذا المعرض جهود لترميم الأرشيف الخاص بشنوك وجمعه في كتاب ليكون متاحا أمام جميع القراء، إذ يقول إيلي دوميت، مدير معرض الربع الخالي: "الجميل في هذا المشروع هو أننا عملنا سويا مع جامعة ليدن الهولندية لترميم أرشيف الرجل منذ عام 1887، وهي طريقة نحاول من خلالها إعادة هذه الصور إلى الحياة لتعيش نحو مائتي سنة أخرى ... وليتمكن المهتمون بالموضوع من قراءة سيرة هذا الرجل ورؤية صوره.. وبالنسبة لفن التصوير من المهم رؤية شيء أمامنا وليس فقط الحديث عنه."
أجواء مكة في هذه الصور تبدو مختلفة عن اليوم، إلا أنها تحمل في طياتها ذلك الشعور الروحاني بقداسة المكان وأصالته في عدسة كاميرا المستشرق الذي أثار جدلا كبيرا في زمنه.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
المدونة غير مسئولة عن أي تعليق يتم نشره على الموضوعات