الأقسام الرئيسية

النهضة والنداء مستعدّان للانقلاب على دستور تونس الجديد

. . ليست هناك تعليقات:
المعارضة تعتبر اتفاق الغنوشي وقائدالسبسي على ضرورة تعديل الدستور مؤشرا على الرغبة بتغيير النظام السياسي بكامله، وفق رؤية الشيخين.
ميدل ايست أونلاين

تونس ـ من منور الملّيتي

خطوة مفاجئة تنذر بمخاطر جمة
تجتاح خلال هذه الفترة القوى العلمانية التونسية المعارضة موجة من الجدل الحاد ممزوجة بنوع من "القلق" على خلفية تصريح الرئيس الباجي قائدالسبسي بتأييده لتعديل الدستور" باتجاه تغيير نظام الحكم من "شبه برلماني" إلى "رئاسي" فيما كانت الطائفة السياسية لحركة النهضة مهدت للفكرة قبل شهر من مجاهرة حليفها بتأييدها.
وكان قائدالسبسي فاجأ جزءا هاما من اتجاهات الرأي العام الأربعاء الماضي خلال حوار إذاعي حين أكد أنه "لا يرى مانعا من تعديل الدستور بهدف اعتماد شكل جديد لنظام الحكم وأنه لن يكون ضد المبادرة في هدا الاتجاه".
وأرجع تأييده للتعديل إلى "أن النظام السياسي الحالي" شبه البرلماني "غير مثالي وقابل للتحسين والتطوير".
واعتبر قائدالسبسي أن "أغلبية الشعب التونسي مع النظام الرئاسي"، وأن "الوضع العام في البلاد يمكن أن يتحسن مع تنقيح الدستور واعتماد نظام سياسي جديد"، يمنح صلاحيات أوسع لرئيس الجمهورية.
وتقول دوائر سياسية إن مسألة تعديل الدستور الذي لم يمض على إصداره سوى زهاء عامين هي "فكرة" تبنتها حركة النهضة الإسلامية بدعم قوي من رئيسها راشد الغنوشي ومهدت لها قبل أن يجاهر بتأييدها قائدالسبسي.
وتستدل تلك الدوائر على ذلك بتصريحات أطلقها عدد من قيادات النهضة المحسوبة على جناحها السياسي خلال الفترة الأخيرة وفي مقدمتها تصريحات لطفي زيتون "المستشار والعقل السياسي" للغنوشي.
وكان زيتون دعا في 23 فبراير/شباط عبر صحيفة تونسية إلى "إصلاح دستوري شامل" و"تغيير النظام السياسي الحالي"، واصفا إياه بـ"نظام هجين لا هو بالرئاسي ولا بالبرلماني".
وأثارت دعوة "العقل السياسي" للنهضة مخاوف القوى العلمانية التي تساءلت عن الخلفيات والأبعاد السياسية التي وقفت وراء الدعوة.
كما تساءلت تلك القوى عن توقيت الدعوة خاصة وأن النهضة أصبحت تتصدر قائمة الكتل البرلمانية بعد أن فقد حزب نداء تونس العلماني الأغلبية المطلقة.
وفي أعقاب "مجاهرة" قائدالسبسي بتأييده لفكرة التعديل الدستوري التي برزت من رحم الحركة الإسلامية، ارتفع منسوب قلق القوى العلمانية المعارضة من أن يقود التحالف "النفعي" بين قائدالسبسي وراشد الغنوشي إلى تركيز نظام سياسي على مقاس الائتلاف الحاكم، وفي مقدمته حركة النهضة ونداء تونس.
فقد أبدى جوهر بن مبارك رئيس "شبكة دستورنا" رفضه لفكرة التعديل في الوقت الحالي، مشددا على أن "البلاد في حاجة إلى إصلاحات أهم على غرار التشغيل وجلب الاستثمار وإرساء التنمية ".
ورأى بن مبارك بأن "هناك قوى سياسية وأحزاب متشبثة بالنظام الرئاسي"، في إشارة على ما يبدو إلى حركة النهضة.
وتظهر قراءات وجود "تباين" بشأن طبيعة التعديل، إذ في الوقت الذي دعا فيه زيتون إلى "إصلاح شامل للدستور"، اكتفى قائدالسبسي بتأييده لإجراء "تعديل" يتعلق أساسا بتوسيع صلاحيات رئيس الجمهورية.
وشدد بن مبارك على أن "التعديل في صورة ما شمل الدستور برمته فإنه لا يمكن أن يمرّ دون أن يعبر الشعب عن إرادته من خلال الاستفتاء".
وينص الفصل 143 من دستور كانون الثاني/يناير 2014 على أنه "لرئيس الجمهورية أو لثلث أعضاء البرلمان حق المبادرة باقتراح تعديل الدستور، ولمبادرة رئيس الجمهورية أولوية النظر".
وبقدر ما أثار تأييد قائدالسبسي لفكرة تعديل الدستور قلق القوى العلمانية المعارضة، بدت مواقف قيادات حركة النهضة تستبطن نوعا من "مباركة" مبدئية للفكرة التي مهدت لها.
فقد اعتبر عبدالحميد الجلاصي أن "مقترح التعديل مقبولا مبدئيا باعتبار أن الدستور يضمن ذلك" غير أنه رأى بالقابل أن "الوقت لا يسمح بعدُ" بهذا التعديل.
وتبدو مباركة النهضة أكثر وضوحا إلى حد اعتبار المسألة "ضرورة" من خلال تصريحات زيتون، حيث يشدد على أن "تونس لن تتمكن من تحقيق الاستقرار السياسي إلا من خلال إصلاح شامل للدستور باتجاه التوسيع من صلاحيات السلطة التنفيذية، وأيضا بمنح صلاحيات رقابية كبيرة للبرلمان".
ويذهب زيتون إلى أبعد من ذلك إذ يرى أن "العلاج الأساس للأوضاع العامة في تونس يستوجب من الطبقة السياسية أن تأخذ مسألة "إصلاح دستوري شامل" مأخذ الجد.
ويقول خصوم النهضة إن دعوة زيتون "ليست رأيا شخصيا" بل هو موقف حركة النهضة باعتبار أن زيتون الذي يقود جهودا لتقديم "صورة منفتحة" للحركة، يعد "صوتها السياسي" الذي يعكس مواقف رئيسها راشد الغنوشي.
ويرجع عدد من الخبراء في القانون الدستوري تأييد قائدالسبسي فكرة التعديل إلى أن رئيس الجمهورية بات مقتنعا بعد زهاء عامين من الحكم بأن النظام البرلماني المعدل الحالي، "عاجز" عن تركيز سلطة تنفيذية ذات إرادة سياسية قوية، قادرة على مواجهة التحديات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والأمنية.
وبحسب الخبراء فإن نظام الحكم الحالي قاد إلى إضعاف أداء مؤسسات الدولة وسلطة القرار نتيجة اختلال التوازن بين صلاحيات رئاسة الجمهورية ورئاسة الحكومة ورئاسة البرلمان في وقت تحتاج فيه تونس إلى دولة قوية تنأى بنفسها عن سياسات الأيادي المرتعشة"، في معالجة الأوضاع العامة.
غير أن القوى العلمانية المعارضة لا تتردد في التحذير من مخاطر "المفاجأة"، مشددة على أنها تعد مؤشرا على أن تحالف قائدالسبسي والغنوشي بات يسعى إلى "تغيير النظام السياسي بكامله"، وفق "رؤية "الشيخين" بشأن إدارة مؤسسات الدولة.
وبالمقابل، يقول سياسيون إن تجربة النظام البرلماني الحالي أثبتت فشلها في تركيز مؤسسات دولة قوية وحاصرت صلاحيات رئيس الدولة في مجتمع سياسي تعود على أداء نظام رئاسي يقوده رجل دولة قوي.
وترى غالبية اتجاهات الرأي العام في دستور 2014 "انتصارا" لتطلعاتهم، باعتباره أرسى دولة مدنية وكرس الفصل بين السلطات الثلاث وضمن الحريات السياسية والمدنية الفردية منها والعامة بما فيها حرية الضمير.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

المدونة غير مسئولة عن أي تعليق يتم نشره على الموضوعات

اخر الاخبار - الأرشيف

المشاركات الشائعة

التسميات

full

footer