October 13th, 2012 9:42 am
انتظر العالم حتى 11 أغسطس، ليقرر مجلس الأمن تبنى قرار وقف إطلاق
النار بعد أن كان قُتل ألف ومئة لبنانى، و40 إسرائيليًّا، وبعد أن تسببت
الحرب فى نزوح 750 ألف لبنانى. هذا كله بينما كانت قوى العالم تتابع
المشهد دون أن تتحرك لتوقف الدمار.
لقد كنت فى مصر فى ذلك الوقت فى منزلى الصيفى غرب الإسكندرية، وكان الرأى العام مستاء للغاية، بل وقابلا للانفجار جراء الشعور العام بأن الغرب يكيل بمكيالين ويتعمد عدم اتخاذ أى إجراء، ولم يكن ذلك قاصرًا على مصر، حيث ساد الشعور نفسه عبر الشرق الأوسط.
وفى ذلك الوقت، اتصل بى كوفى أنان، وقال لى بصوت حزين مكتئب: «هذه الحرب المستعرة فى لبنان لا تشكل تهديدًا للأمن والسلم الدوليَّيْن، وإنما المعمل البحثى النووى الصغير فى إيران هو الذى يمثل هذا التهديد!!».
فى محاولة للإبقاء على تركيزى على الملف الإيرانى، اقترحت فى رسالة إلى لاريجانى أن ترسل إيران ردًّا بالموافقة على المقترح الغربى، على الرغم من صدور القرار 1696، فى الموعد المقرر فى 22 أغسطس، واقترحت أن يُبدوا فيه استعدادهم لإيقاف أنشطة التخصيب على المستوى الصناعى لبضع سنوات والالتزام بحل المشكلات المعلقة مع الوكالة بشأن التحقق، مشيرًا إلى أنه إذا استطعت أن أقدم تقريرًا يُظهر تقدمًا فى تلك المسألتين فإن ذلك يمكن أن يغير موقف الأوروبيين وغيرهم إزاء إيران. لكن رد لاريجانى جاء فى شكل رسالة إلى الغرب من خلال وسائل الإعلام بأن إيران لن تقبل أبدًا بوقف تخصيب اليورانيوم.
لم أكن على علم بكل تفاصيل تبنى القرار 1696، ولكن بدا لى أن جانبًا من المشكلة يرجع إلى ما كان يجرى وراء الكواليس فى منتصف عام 2006. فقد تبنى الدبلوماسى البريطانى القدير جون ساورز، مساعد بلير السابق، والذى كان يتحدث باسم المملكة المتحدة، موقفًا متشددًا شبيهًا بموقف الأمريكيين. وكنت خلال العامين السابقين قد لاحظت اختلافًا فى الأسلوب والمضمون بين ساورز ورئيسه سترو، وزير الخارجية. وكانت علاقتى وثيقة مع سترو فقد وجدته قادرًا على استيعاب الصورة الكبيرة وعلى الإنصاف واحترام الفوارق الثقافية، كما أن لديه استعدادًا عمليًّا لبحث الحلول التى يمليها المنطق السليم. لكن سترو لم يعد رئيسًا لساورز، فقد سبق أن ذكر لى سترو أن الأمريكيين لم يعودوا يثقون به، خصوصًا بعد أن وصف أفكارًا كان يتم تسريبها عن احتمال استهداف عسكرى لمنشآت نووية إيرانية بأنه ضرب من الجنون، لأنه «لا يوجد دليل» على امتلاك إيران الأسلحة النووية. وبعد شهر واحد من ذلك قام بلير بإزاحة سترو عن منصبه لتحل محله مارجريت بيكيت، التى لم تكن لها صلة بالدبلوماسية، وبالتالى لم تكن لديها فرصة حقيقية لمعارضة هذه السياسة. وقيل لى إن سترو أزيح من منصبه بسبب اختلافاته السياسية مع بلير، وفهمت أن ذلك تم بإلحاح من الأمريكيين، لكنه أكد لى أن الأمر لم يكن بسبب كوندى (رايس) وكان معروفًا أن سترو وصف سياسة بلير فى أثناء حرب لبنان بأنها «كارثية». لكن رأيه حول إيران ولبنان والقرار 1696 لم يعد مهمًّا بالنسبة إلى بلير، كما أنه لم يكن بوسع بيكيت، لحداثة عهدها بالأمر، أن تعارض.
وكان وزير الخارجية الفرنسى فيليب دوست بلازى، وهو طبيب، جديدًا هو الآخر على وزارة الخارجية. وقيل لى إنه لم يكن يؤخذ مأخذ الجد فى وزارته، وإن هذه الكراهية بينه وبين أعضاء وزارته كانت متبادلة. هذا فضلًا عن أن الفرنسيين كانوا على أبواب انتخابات رئاسية وبدأ الفرنسيون يقولون إن هناك فرنسا التى يقودها جاك شيراك ومستشاره للأمن القومى، وفرنسا الأخرى التى تقودها وزارة الخارجية. ولكل منهما سياسته الخارجية المتعارضة مع الآخر، ومن هنا فإن السياسة الخارجية لفرنسا، التى كانت تمر فى ذلك الوقت بظروف استثنائية، لم تكن متناسقة كما كانت فى ظروف أخرى.
كان الألمان هم الذين يسعون لمحاولة إيجاد حل وسط مع الإيرانيين. وفى لقاءات منفصلة مع المستشارة أنجيلا ميركل، ووزير الخارجية فرانك والترشتاينماير، وجدتُ أنهما حازمان ويتسمان بالإنسانية والإنصاف فى تناولهما السياسة الخارجية. غير أن الألمان لم يكن لديهم من الثقل بما يسمح بتحقيق تقدم فى هذا الشأن بغير تعاون شركائهم الأوروبيين، وكانوا يبدون سعداء فقط لإشراكهم فى المفاوضات.
ولعل أكثر ما أدهشنى فى ذلك الوقت هو موافقة روسيا والصين على تبنى القرار تحت الفصل السابع، على الرغم من مواقف عديدة سابقة معارِضة لذلك. فقد كانوا يعلمون أنه ليس من شأن ذلك إلا أن يؤدى إلى مواجهة وإلى تعقيد الأمور بالنسبة إلى حل مشكلة برنامج إيران النووى، ولكن يبدو أنهم وجدوا أن هذه الموافقة ستخدم مصالح أخرى أكثر إلحاحًا بالنسبة إليهم.
وفى رأيى، فإن القرار 1696 لم يكن فقط ضارًّا من الناحية السياسية، ولكنه كان أيضًا إساءة لاستخدام صلاحيات مجلس الأمن بمقتضى الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة. فقد كان من المذهل أن نشهد مثل هذا الفارق فى المعاملة بين كوريا الشمالية وإيران. فكوريا الشمالية كانت قد انسحبت من معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية وأعربت عن تهديدات صريحة بتطويرها أسلحة نووية (وقامت بالفعل بأول اختبار لسلاحها بعد أقل من ثلاثة أشهر فى أكتوبر 2006)، ومع ذلك فإن الأمريكيين كانوا على استعداد لإجراء حوار مباشر معهم، وكان كريستوفر هيل موجودًا فى بيونج يانج باستمرار. وعلى العكس من ذلك فإن إيران، التى ظلت ملتزمة ببروتوكول الضمانات وطرفًا فى معاهدة حظر الانتشار، عوقبت على احتمال أن تكون لديها فى المستقبل نية تطوير سلاح نووى، ورفض الأمريكيون التحدث إليهم دون شروط مسبقة.
كنت ما زلت فى منزلى الصيفى فى 20 أغسطس 2006، عندما اتصل بى شتاينماير ليخبرنى بأنه يريدنى أن أجتمع مع المصرفى السويدى الغامض بيتر كاستنفلت، الذى كان مستشارًا للكوريين الشماليين، وأصبح الآن مستشارًا لطهران بحضور أحد نواب لاريجانى قبل أن تقوم إيران بتقديم ردّها على المقترحات الأوربية. وفى لقاء عُقد مع هؤلاء فى القاهرة، أكدت لنائب لاريجانى أهمية أن تقدم إيران ردًّا بالإيجاب على المقترح الذى تلقته على الرغم من كل ما حدث. ويجب أن يكون من الواضح أن إيران على استعداد لإيقاف التخصيب على المستوى الصناعى أو أن تَعِد على الأقل بعدم استخدام مواد نووية فى أجهزة الطرد. وكنت أرى أن أسئلتهم عن الأمن الإقليمى كانت فى محلها لأن تلك مسألة أساسية بالنسبة إليهم، وأن معالجة هذه الهواجس الأمنية من شأنها تسهيل الوصول إلى اتفاق حول إيقاف التخصيب. تحدثنا لمدة ساعتين وذكر لى كاستنفيلت بعد ذلك أنه ظل خمس ساعات أخرى مع نائب لاريجانى لمحاولة صياغة فحوى حديثنا كتابة.
وفى الموعد المحدد (22 أغسطس) قام الإيرانيون بتسليم ردّهم، معربين عن قبول بعض وليس كل ما أشرت به عليهم. ولقد جاء الرد الإيرانى فى 21 صفحة وكان مليئًا بالعبارات المعقدة، ولكنه فى النهاية كان به ما يعنى استعداد إيران للقبول بوقف التخصيب، ولكن كنتيجة للتفاوض وليس شرطا له. وإضافة إلى ذلك، فإن إيران أبدت الاستعداد للعمل بأحكام البروتوكول الإضافى بصورة طوعية خلال فترة التفاوض، بل وكانت إيران مستعدة للإعراب عن التزامها بالاستمرار فى العضوية فى معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية بصفة دائمة وعدم الانسحاب منها لتهدئة الخواطر حول احتمال تكرار سيناريو كوريا الشمالية.
وجاء الرد الأوروبى متحفظًا مع إبداء إمكانية البدء فى الحوار، بينما أكدت روسيا أن العقوبات لن تؤدى إلى شىء، ودعت الصين لإعمال الصبر. واتصل الجميع بى أو حضروا لمقابلتى بما فى ذلك كوفى أنان وخافيير سولانا، لسؤالى عن تقييمى لرد إيران. ولكن أحدًا لم يكن مستعدًّا لتولى زمام الأمور.
وبعد فترة من الوقت، قرر الأوروبيون والولايات المتحدة تكليف سولانا بلقاء لاريجانى لتحديد الخطوة القادمة. ولكن هذا الأمر لم يرق إلى لاريجانى كثيرًا بالنظر لاعتقاده أن سولانا لا يتمتع بالصلاحيات الكافية. كما أنه رفض بالتأكيد أن يجتمع مع سولانا وممثلى الدول الأوروبية الثلاث، لأنه لم يكن قد تجاوز الغضب الذى أثاره اجتماع بروكسل.
لقد كنت فى مصر فى ذلك الوقت فى منزلى الصيفى غرب الإسكندرية، وكان الرأى العام مستاء للغاية، بل وقابلا للانفجار جراء الشعور العام بأن الغرب يكيل بمكيالين ويتعمد عدم اتخاذ أى إجراء، ولم يكن ذلك قاصرًا على مصر، حيث ساد الشعور نفسه عبر الشرق الأوسط.
وفى ذلك الوقت، اتصل بى كوفى أنان، وقال لى بصوت حزين مكتئب: «هذه الحرب المستعرة فى لبنان لا تشكل تهديدًا للأمن والسلم الدوليَّيْن، وإنما المعمل البحثى النووى الصغير فى إيران هو الذى يمثل هذا التهديد!!».
فى محاولة للإبقاء على تركيزى على الملف الإيرانى، اقترحت فى رسالة إلى لاريجانى أن ترسل إيران ردًّا بالموافقة على المقترح الغربى، على الرغم من صدور القرار 1696، فى الموعد المقرر فى 22 أغسطس، واقترحت أن يُبدوا فيه استعدادهم لإيقاف أنشطة التخصيب على المستوى الصناعى لبضع سنوات والالتزام بحل المشكلات المعلقة مع الوكالة بشأن التحقق، مشيرًا إلى أنه إذا استطعت أن أقدم تقريرًا يُظهر تقدمًا فى تلك المسألتين فإن ذلك يمكن أن يغير موقف الأوروبيين وغيرهم إزاء إيران. لكن رد لاريجانى جاء فى شكل رسالة إلى الغرب من خلال وسائل الإعلام بأن إيران لن تقبل أبدًا بوقف تخصيب اليورانيوم.
لم أكن على علم بكل تفاصيل تبنى القرار 1696، ولكن بدا لى أن جانبًا من المشكلة يرجع إلى ما كان يجرى وراء الكواليس فى منتصف عام 2006. فقد تبنى الدبلوماسى البريطانى القدير جون ساورز، مساعد بلير السابق، والذى كان يتحدث باسم المملكة المتحدة، موقفًا متشددًا شبيهًا بموقف الأمريكيين. وكنت خلال العامين السابقين قد لاحظت اختلافًا فى الأسلوب والمضمون بين ساورز ورئيسه سترو، وزير الخارجية. وكانت علاقتى وثيقة مع سترو فقد وجدته قادرًا على استيعاب الصورة الكبيرة وعلى الإنصاف واحترام الفوارق الثقافية، كما أن لديه استعدادًا عمليًّا لبحث الحلول التى يمليها المنطق السليم. لكن سترو لم يعد رئيسًا لساورز، فقد سبق أن ذكر لى سترو أن الأمريكيين لم يعودوا يثقون به، خصوصًا بعد أن وصف أفكارًا كان يتم تسريبها عن احتمال استهداف عسكرى لمنشآت نووية إيرانية بأنه ضرب من الجنون، لأنه «لا يوجد دليل» على امتلاك إيران الأسلحة النووية. وبعد شهر واحد من ذلك قام بلير بإزاحة سترو عن منصبه لتحل محله مارجريت بيكيت، التى لم تكن لها صلة بالدبلوماسية، وبالتالى لم تكن لديها فرصة حقيقية لمعارضة هذه السياسة. وقيل لى إن سترو أزيح من منصبه بسبب اختلافاته السياسية مع بلير، وفهمت أن ذلك تم بإلحاح من الأمريكيين، لكنه أكد لى أن الأمر لم يكن بسبب كوندى (رايس) وكان معروفًا أن سترو وصف سياسة بلير فى أثناء حرب لبنان بأنها «كارثية». لكن رأيه حول إيران ولبنان والقرار 1696 لم يعد مهمًّا بالنسبة إلى بلير، كما أنه لم يكن بوسع بيكيت، لحداثة عهدها بالأمر، أن تعارض.
وكان وزير الخارجية الفرنسى فيليب دوست بلازى، وهو طبيب، جديدًا هو الآخر على وزارة الخارجية. وقيل لى إنه لم يكن يؤخذ مأخذ الجد فى وزارته، وإن هذه الكراهية بينه وبين أعضاء وزارته كانت متبادلة. هذا فضلًا عن أن الفرنسيين كانوا على أبواب انتخابات رئاسية وبدأ الفرنسيون يقولون إن هناك فرنسا التى يقودها جاك شيراك ومستشاره للأمن القومى، وفرنسا الأخرى التى تقودها وزارة الخارجية. ولكل منهما سياسته الخارجية المتعارضة مع الآخر، ومن هنا فإن السياسة الخارجية لفرنسا، التى كانت تمر فى ذلك الوقت بظروف استثنائية، لم تكن متناسقة كما كانت فى ظروف أخرى.
كان الألمان هم الذين يسعون لمحاولة إيجاد حل وسط مع الإيرانيين. وفى لقاءات منفصلة مع المستشارة أنجيلا ميركل، ووزير الخارجية فرانك والترشتاينماير، وجدتُ أنهما حازمان ويتسمان بالإنسانية والإنصاف فى تناولهما السياسة الخارجية. غير أن الألمان لم يكن لديهم من الثقل بما يسمح بتحقيق تقدم فى هذا الشأن بغير تعاون شركائهم الأوروبيين، وكانوا يبدون سعداء فقط لإشراكهم فى المفاوضات.
ولعل أكثر ما أدهشنى فى ذلك الوقت هو موافقة روسيا والصين على تبنى القرار تحت الفصل السابع، على الرغم من مواقف عديدة سابقة معارِضة لذلك. فقد كانوا يعلمون أنه ليس من شأن ذلك إلا أن يؤدى إلى مواجهة وإلى تعقيد الأمور بالنسبة إلى حل مشكلة برنامج إيران النووى، ولكن يبدو أنهم وجدوا أن هذه الموافقة ستخدم مصالح أخرى أكثر إلحاحًا بالنسبة إليهم.
وفى رأيى، فإن القرار 1696 لم يكن فقط ضارًّا من الناحية السياسية، ولكنه كان أيضًا إساءة لاستخدام صلاحيات مجلس الأمن بمقتضى الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة. فقد كان من المذهل أن نشهد مثل هذا الفارق فى المعاملة بين كوريا الشمالية وإيران. فكوريا الشمالية كانت قد انسحبت من معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية وأعربت عن تهديدات صريحة بتطويرها أسلحة نووية (وقامت بالفعل بأول اختبار لسلاحها بعد أقل من ثلاثة أشهر فى أكتوبر 2006)، ومع ذلك فإن الأمريكيين كانوا على استعداد لإجراء حوار مباشر معهم، وكان كريستوفر هيل موجودًا فى بيونج يانج باستمرار. وعلى العكس من ذلك فإن إيران، التى ظلت ملتزمة ببروتوكول الضمانات وطرفًا فى معاهدة حظر الانتشار، عوقبت على احتمال أن تكون لديها فى المستقبل نية تطوير سلاح نووى، ورفض الأمريكيون التحدث إليهم دون شروط مسبقة.
كنت ما زلت فى منزلى الصيفى فى 20 أغسطس 2006، عندما اتصل بى شتاينماير ليخبرنى بأنه يريدنى أن أجتمع مع المصرفى السويدى الغامض بيتر كاستنفلت، الذى كان مستشارًا للكوريين الشماليين، وأصبح الآن مستشارًا لطهران بحضور أحد نواب لاريجانى قبل أن تقوم إيران بتقديم ردّها على المقترحات الأوربية. وفى لقاء عُقد مع هؤلاء فى القاهرة، أكدت لنائب لاريجانى أهمية أن تقدم إيران ردًّا بالإيجاب على المقترح الذى تلقته على الرغم من كل ما حدث. ويجب أن يكون من الواضح أن إيران على استعداد لإيقاف التخصيب على المستوى الصناعى أو أن تَعِد على الأقل بعدم استخدام مواد نووية فى أجهزة الطرد. وكنت أرى أن أسئلتهم عن الأمن الإقليمى كانت فى محلها لأن تلك مسألة أساسية بالنسبة إليهم، وأن معالجة هذه الهواجس الأمنية من شأنها تسهيل الوصول إلى اتفاق حول إيقاف التخصيب. تحدثنا لمدة ساعتين وذكر لى كاستنفيلت بعد ذلك أنه ظل خمس ساعات أخرى مع نائب لاريجانى لمحاولة صياغة فحوى حديثنا كتابة.
وفى الموعد المحدد (22 أغسطس) قام الإيرانيون بتسليم ردّهم، معربين عن قبول بعض وليس كل ما أشرت به عليهم. ولقد جاء الرد الإيرانى فى 21 صفحة وكان مليئًا بالعبارات المعقدة، ولكنه فى النهاية كان به ما يعنى استعداد إيران للقبول بوقف التخصيب، ولكن كنتيجة للتفاوض وليس شرطا له. وإضافة إلى ذلك، فإن إيران أبدت الاستعداد للعمل بأحكام البروتوكول الإضافى بصورة طوعية خلال فترة التفاوض، بل وكانت إيران مستعدة للإعراب عن التزامها بالاستمرار فى العضوية فى معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية بصفة دائمة وعدم الانسحاب منها لتهدئة الخواطر حول احتمال تكرار سيناريو كوريا الشمالية.
وجاء الرد الأوروبى متحفظًا مع إبداء إمكانية البدء فى الحوار، بينما أكدت روسيا أن العقوبات لن تؤدى إلى شىء، ودعت الصين لإعمال الصبر. واتصل الجميع بى أو حضروا لمقابلتى بما فى ذلك كوفى أنان وخافيير سولانا، لسؤالى عن تقييمى لرد إيران. ولكن أحدًا لم يكن مستعدًّا لتولى زمام الأمور.
وبعد فترة من الوقت، قرر الأوروبيون والولايات المتحدة تكليف سولانا بلقاء لاريجانى لتحديد الخطوة القادمة. ولكن هذا الأمر لم يرق إلى لاريجانى كثيرًا بالنظر لاعتقاده أن سولانا لا يتمتع بالصلاحيات الكافية. كما أنه رفض بالتأكيد أن يجتمع مع سولانا وممثلى الدول الأوروبية الثلاث، لأنه لم يكن قد تجاوز الغضب الذى أثاره اجتماع بروكسل.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
المدونة غير مسئولة عن أي تعليق يتم نشره على الموضوعات