بعد الصعود القوي لها في الساحة السياسية
الإثنين 25 رجب 1432هـ - 27 يونيو 2011مسلّطت دراسة حديثة الضوء على ظاهرة صعود التيار السلفي في مصر خاصة بعد ثورة الخامس والعشرين من يناير الماضي.
وتشير الدراسة التي أعدها الباحث هاني نسيرة، ونشرت في عدد جديد من "كراسات استراتيجية" والتي تصدر عن مؤسسة الأهرام المصرية، إلى أنه ورغم صعود الاتجاه السلفي في فضاء الحركات أو الدعوات الإسلامية المعاصرة، لكن ظلت هناك مشكلة تتعلق بضبط مفهوم "السلفية" ذاته، بسبب اختزاله من جانب البعض في المدرسة الإصلاحية، التي مثلتها مدرسة جمال الدين الأفغاني ومحمد عبده، والسيد محمد رشيد رضا، وعبد الرحمن الكواكبي ومن تلاهم، والتي ركزت على المصالحة بين الأصالة والمعاصرة، والدعوة لإعادة فتح باب الاجتهاد والمصالحة بين النقل والعقل، بل اقترب بعضهم من مفهوم المعتزلة القديم حول التحسين والتقبيح العقليين، وهو ما دعا بعض المراقبين للحراك الإسلامي والدارسين لفكر النهضة كذلك لوصفهم بالمعتزلة الجدد!، وهو العطب الذي يكشف تناقضا بنيويا، حيث إن الاتجاه السلفي وصف يضاد الوصف الاعتزالي، بل إن مدرسة أهل الحديث والسلفية قامت في القرن الثالث الهجري ثم تمددت في القرن الثامن مع ابن تيمية في وجه التمدد المعتزلي والكلامي عبر العودة للنص.
ثم جاءت الثورة المصرية لتكشف عن حجم التيارات السلفية في مصر، كما دفعت بهذه التيارات، وذلك هو الأهم، إلى إعادة النظر في بعض ثوابتها الفكرية والسياسية. وكان للثورة الفضل أيضا في تعرية العديد من الإشكاليات المهمة التي يثيرها صعود هذه التيارات والتحولات المهمة التي أجرتها بعد الثورة، والفجوة القائمة بينها وبين غيرها من القوى السياسية، سواء الأحزاب والقوى الليبرالية العلمانية، أو القوى الإسلامية والسياسية الأخرى ذات المرجعية الإسلامية.
وتثير دراسة السلفية في مصر ما بعد الثورة ثلاث إشكاليات أساسية، الأولى، تتعلق بالخريطة السلفية في مصر، فأحد الأخطاء الأساسية التي يقع فيها بعض الباحثين هي التعامل مع السلفية باعتبارها كتلة واحدة، وهو افتراض غير دقيق، إذ تضم السلفية في طياتها عددا من التيارات، تقع بينها تمايزات ذات دلالات مهمة فيما يتعلق بمستقبل هذه الظاهرة. كما أن فهما شاملا لهذه الظاهرة يقتضي فهم اتجاهاتها إزاء قضايا الجدل العام في مصر، خاصة الآخر السياسي، والديني، والديمقراطية، والعمل السياسي... الخ.
الإشكال الثاني يتعلق باتجاهات التحول داخل ظاهرة السلفية، خاصة فيما يتعلق بالموقف من مبدأ الخروج على الحاكم، وفكرة التنظيم والعمل الحزبي، والمشاركة السياسية، والعمل من داخل البرلمان.
الإشكال الثالث يتعلق باحتمال تحول السلفية إلى تيارات جهادية عنيفة؛ فرغم أن الخطاب العام لرموز هذه التيارات لا يشير حتى الآن إلى احتمال حدوث هذا التحول في المستقبل القريب، فضلا عن اتجاه بعض هذه التيارات إلى تأسيس أحزاب سياسية، بما يعني في التحليل الأخير إخضاع ممارساتها لقواعد العمل السياسي أو تمييزها بين العمل الدعوي والسياسي، إلا أن سؤالا من هذا النوع يظل مشروعا في ظل حداثة هذه التطورات وحداثة عهد هذه التيارات بالعمل السياسي.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
المدونة غير مسئولة عن أي تعليق يتم نشره على الموضوعات