الأقسام الرئيسية

شكوى ألمانية من امتناع المسلمات عن الألعاب الرياضية

. . ليست هناك تعليقات:
المجتمع يراها وسيلة للتكامل والاندماج لكن المسلمين المهاجرين يسدون الطريق

صلاح أحمد من لندن

GMT 17:00:00 2011 الجمعة 17 يونيو

فتاتان مسلمتان في فريق نادي بوروسيا هانوفر.. استثناء للقاعدة

تشكو ألمانيا من أن اعتراض الآباء المسلمين على خوض بناتهم الميادين الرياضية يقف حجر عثرة أمام تكامل المجتمع. لكن هؤلاء يتمسكون بأن الألعاب تعني السفور والاختلاط. ورغم أن كبار الرياضيين في ألمانيا يأتون من عائلات مهاجرة، فالملاحظ هو غياب المسلمات عن هذا المضمار.


يلاحظ غياب الفتيات المسلمات عن الألعاب الرياضية في ألمانيا، على الرغم من أن كبار الرياضيين يأتون من عائلات مهاجرة.

وتعتبر الحكومة الألمانية أن اعتراض الآباء المسلمين على خوض فتياتهم الميادين الرياضية هو ما يحول دون تحقيق تكامل المجتمع.

ووفقًا لمجلة «دير شبيغل»، التي أعدّت تقريرًا مطولاً في هذا الشأن، فإن العديد من المسلمين يرون في الثقافة الرياضية الغربية مناخًا غير صالح لبناتهم، بسبب أنها تتسم بما يعتبرونه السفور واختلاط الجنسين. لكن ثمة مبادرات طليعية توضح الكيفية التي يمكن أن تشجّع بها المسلمات على المشاركة في هذه الأنشطة.. وكيف أن بوسع هذا تغيير حياتهن الى الأفضل.

سارة لعبت كرتي السلة والقدم لسنوات في الخفاء

تستجمع سارة المحجّبة شجاعتها وتحاول الابتسام. كانت تتهيأ لصورة فوتوغرافية لها وهي تحمل كرة السلة داخل مكان تعتبره محرّمًا عليها من جانب أسرتها، وهو صالة الجمباز. وهي لا تعرف كيف ستكون رد فعل والدها الجزائري على الصورة لأنه رجل، على حد قولها، لا يتورع عن استخدام قبضته. وحتى والدتها الألمانية، اعتنقت الإسلام، وصارت تؤمن أيضًا بأن الرياضة والنساء عالمان لا يختلطان.

الجزائرية سارة تخشى رد فعل والدها إزاء عشقها كرة السلة

وبرغم توجهات والديها، فقد ظلت سارة تلعب كرتي السلة والقدم لسنوات في الخفاء. وتقول إن الرياضة تمنحها شعورًا بالخفة والاستقلال. لكن أزعجها كثيرًا استمرار هذه السرّية في نشاط تزاوله معظم الشابات في سنّها. وهي تريد لوالديها أن يباركا هذا النشاط العادي البريء.

لهذا فقد وافقت على التقاط صورتها مع الكرة داخل صالة الجمباز في كرويتسبرغ، إحدى ضواحي برلين التي تعجّ بالمهاجرين والألمان من أصول أجنبية.. وتقول سارة: «أريد أن أكون حرّة».

هل رأيت رياضية محجّبة؟

للرياضة في ألمانيا مكانة سامية لأنها ترتبط بصحة البدن والعقل وترقية الشخصية. ويُنظر الى الأندية الرياضية باعتبارها بين أهم أعمدة المجتمع لأنها ترمز الى روحه وتماسكه والى قيم مثل العدالة والمساواة. ولكن عندما طلب أحد معلمي سارّة من والدتها السماح لها بمزاولتها، تساءلت قائلة: «هل رأيت رياضية محجّبة»؟.

فلماذا يمنع العديد من الآباء المسلمين بناتهم من مزاولتها؟، بينما تجد أن 68 % من الصبيان الأتراك في عمر الخامسة عشرة ينتمون الى أندية رياضة، وأن أكثر من 30 % منهم لاعبون في فريق النشء الألماني لكرة القدم دون سن 17 ويزاولون الملاكمة والمصارعة وغيرهما، في حين تسجل إخواتهم غيابًا شبه تام عن مضمار الرياضة.

وهذا لأن آباءهن – وهم في الغالب من الفقراء ذوي التعليم المتدني - يعتبرون أن الأندية والمنظات الرياضية أماكن للحريّات المتفسّخة، وبالتالي فهي لا تليق ببناتهم.. وهكذا صارت المسلمات بنات الرياضة الضائعات، وأصبحن رمزًا لصعوبة الاندماج في المجتمع عندما يكون مؤلفًا من شرائح ذات خلفيات ثقافية متنافرة.

وتبعًا لدراسة أصدرتها جامعة دورتموند التقنية في 2009، فإن أقل من 20 % من الفتيات المسلمات في سن 15 ينتمين إلى أندية رياضية مقارنة بـ42 % لدى نظيراتهن الألمانيات.

مفارقة

الإسلام يعتبر أن العقل السليم في الجسم السليم، ويحثّ على تشجيع الأبناء على الرياضة. لكن المفارقة هي أن العديد من الدول في العالم الإسلامي لا توليها نوع الاهتمام الذي تجده في دول الغرب، ولذلك فهي لم تتجذر في الثقافة الإسلامية.

خذ، على سبيل المثال، أن 2 % فقط في تركيا – وهي أنجح بلد إسلامي عندما يتعلق الأمر بألعاب الأولمبياد – يتمتعون بعضوية الأندية والمنظمات الرياضية مقارنة بـ34 % في المانيا. والعديد من أسر المهاجرين الى المانيا تعتبر الرياضة عمومًا نشاطًا «أجنبيًا» والأندية الرياضية حتمًا ليست المكان الصحيح بالنسبة إلى الفتيات على وجه الخصوص.

مسألة شرف

أوميت مسلم قصير أصلع هاجر منذ سنوات طويلة الى المانيا، ويتقن الألمانية، ويشاهد مع أسرته التلفزيون الألماني بانتظام. وهو يقول إنه لا يمانع في أن تتعلم ابنته (12 عامًا) السباحة. لكنها عندما طلبت موافقته على انخراطها في فريق المدرسة أجاب بـ«لا» قاطعة وحاسمة.

ويبرر أوميت موقفه هذا بأن انضمام ابنته الى فريق للسباحة يعرضها للرجال الغرباء. إضافة الى هذا الخوف، فهو يخشى أيضًا رد فعل أقاربه وأصدقائه على السماح لابنته بالاختلاط. ويقول: «سيعتبرون أنه من العار أن تتقافز ابنتي وهي ترتدي المايوه أمام أعين الرجال الألمان. هذه مضيعة لشرف العائلة وأنا – كأب – سأفقد ماء وجهي»!.

مثال ساطع

الساسة الألمان من جهتهم يعتبرون أن الرياضة وسيلة مثلى لوحدة المجتمع على تعدد اتجاهاته. والفرق الألمانية القومية تحفل برياضيين من مختلف الجنسيات كذوي الأصول التركية والبولندية والتونسية. وفي اولمبياد بكين 2008، ضمّ الفريق القومي الألماني 39 رياضيًا من المتحدرين من أصول أجنبية.

لذا فإن وزيرة التكامل والاندماج، ماريا بايمر، تقول: «الأندية الرياضية هي مدارس الديمقراطية التي يتعرّف فيها المهاجرون إلى لغتنا وثقافتنا وأسلوب حياتنا». وفي العام الماضي طلبت المستشارة أنغيلا ميركل التقاط صورة فوتوغرافية لها في صالة اللاعبين مع نجم فريق كرة القدم القومي الألماني مسعود أوزيل التركي الأصل، الذي يعتبر مثالاً ساطعًا للاندماج الاجتماعي كما ينبغي أن يكون.

فاطمير: عندما يقول المسلم «لا» للبنت، فهذا يعني «لا»

الكوسوفية فاطمير إحدى نجمات المنتخب الألماني القومي

بوسع المستشارة ضم صورة فوتوغرافية أخرى مماثلة الى ألبومها عندما تبدأ منافسات كأس العالم النسوية لكرة القدم في بلادها في نهاية الشهر الحالي. فإحدى لاعبات المنتخب الألماني، هي فاطمير باجراماج، المسلمة ذات الـ23 عامًا التي جاءت الى المانيا مهاجرة مع أسرتها الكوسوفية.

وتقول فاطمير إن أباها اعترض على فكرة مزاولتها الرياضة «لأسباب تمتد من الملابس القذرة مرورًا بالمباريات التي تستدعي السفر ووصولاً إلى المشاهدين الرجال»!، لكنها زاولت تدريباتها مع ناد محلي في الخفاء. بل إنها زوّرت توقيع أبيها لتحصل على بطاقة هويتها الرياضية الأولى.

وتقول: «عندما يقول المسلم «لا» للبنت، فهذا يعني «لا». ولذا فقد صار المخرج الوحيد أمامي هو التمرد، وليحدث ما يحدث». وتضيف قولها إن الشيء الوحيد الذي أنقذها من غضب أبيها هو أنه رآها، وهي تلعب كرة القدم، ودهش لمهاراتها العالية، التي أوصلتها الى المنتخب القومي نفسه وهي يافعة لم تتعد 17 عامًا.

فاطمير الآن إحدى القليلات اللائي يحترفن كرة القدم. وتقول: «لا أرى المانع بين الإسلام ورياضة النساء. واعتبر نفسي «مسلمة عصرية» لأنني أُصلّي وأصوم، وأحب في الوقت نفسه الترفيه وحضور الحفلات.. ما المانع»؟.

وقد عيّنتها الحكومة الألمانية «سفيرة للاندماج» قبل شهرين. وبصفتها هذه، فهي تطوف على المدارس وتلقي المحاضرات عن مزايا الرياضة وخاصة بالنسبة إلى البنات. والواقع أن وزيرة التكامل، ماريا بايمر، تقول أن فاطمير «مثال يجب أن يُحتذى وسط الفتيات المسلمات، ونتمنى أن يسرن على خطاها، لأن الأمر يتصل أيضًا بالمساواة بين الجنسين».

بكيني وبرقعيني

البرقعيني

تموّل الحكومة الألمانية برنامجاً باسم «الاندماج عبر الرياضة» منذ 1989، وتضخّ فيه 5.4 مليون يورو سنويًا. ويستخدم هذا المال لدعم عدد كبير من برامج الأندية ومشاريعها ومساعدتها على اجتذاب الأجانب. لكن السؤال هو ما إن كان بوسع المسلمات الاستفادة منه.

والأندية الألمانية، التي لا تفصل بين الجنسين حتى في الحمّامات، أماكن محرّمة بالنسبة إلى المسلمات اللائي يختلف عالمهن تمامًا عن هذا. وغالبًا ما يتصادم العالمان في حمّام السباحة، حيث ترتدي الألمانية البكيني والمسلمة «البرقعيني».

قبل عامين، أثارت مسلمات الدهشة في مدينة فولفسبرغ عندما نزلن إلى حمّام سباحة عام، وهن بالمناطيل والجوارب الطويلة وقمصان الـ«تي شيرت». فأمرهن المشرف بالخروج من الماء. وقيل إنهن رفضن، وإن إحداهن تعرّضت لنزع قميصها عنوة، فراحت تبكي.

واعتذر مسؤول حكومي عن هذا، لكنه قال إن الإنسان لا يسبح وهو في كامل ملابسه. أما الأرجح فهو أن الحادثة أثنت عددًا كبيرًا من المسلمات على التمتع بحمّامات السباحة العامة، حيث يشعرن بأنهن مهمّشات.

مخلوقات فضائية

تقول أمينة الدمير، وهي مدرِّبة شخصية من أصل تركي تعمل في مدينة كولون: «معظم الألمان يعتبرون أنه من الطبيعي لامرأة محجبة أن تعمل منظِّفة. لكنهم عندما يرون رياضية ترتدي الحجاب يصبح رد فعلهم وكأنهم يشاهدون مخلوقًا فضائيًا».

وتوضح أمينة، وهي محجبة أيضًا، أنها عندما ضاقت ذرعًا بالأعين والتعليقات، التي تحاصرها أثناء عملها بالحجاب، قررت – وكان هذا قبل أربع سنوات - افتتاح أول ناد للرياضة والصحة خاص بالمسلمات، ويُحظر دخوله على الرجال.

هوة كبيرة

الواقع أن المرء يجد الآن عددًا من المنتديات الصغيرة التي تلبّي حاجيات المسلمات الرياضية. لكن هل يمكن أن يسمّى عزلهن أنفسهن في هذه المنديات اندماجًا؟، يقول ديتر شويليرا، الخبير الذي عمل في وزارة الاندماج عددًا طويلاً من السنين قبل تقاعده: «ثمة هوة كبيرة بين الحياة الواقعية واستراتيجيات الساسة في هذا الصدد».

ويمضي شويليرا، الذي يدير الآن ناديه «بوروسيا هانوفر»، قائلاً إنه يتألف 80 % من عضويته من أبناء المهاجرين. ويضيف قوله: «الاندماج لا يحدث استجابة للأماني أو الأوامر، وإنما عفوًيا وتلقائيًا.. وهذا إذا كنا محظوظين».

ويرى أن المشكلة هي أن عددًا كبيرًا من المسلمين هاجر من بلاد لا تتمتع بثقافة الرياضة الجماهيرية الغربية التي تحتوي على الخزانات والحمّامات المشتركة. وسعيًا إلى علاج هذه المشكلة، فهو يفصل بين الجنسين في ناديه، ويخصص لكل منهما حاجياته منفصلة. وهكذا صار للنادي 50 فتاة في 5 فرق تلعب كرة القدم. لكن هذا نفسه يجدد الجدل وسط المعنيين بالأمر، ويعيد رفع السؤال: هل يمكن اعتبار هذا اندماجًا؟.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

المدونة غير مسئولة عن أي تعليق يتم نشره على الموضوعات

اخر الاخبار - الأرشيف

المشاركات الشائعة

التسميات

full

footer