غزة- فاطمة الزهراء العويني
حتى نتمكّن من تحقيق أهدافنا في هذه الحياة "الكبيرة"، ونستثمر كل دقيقةٍ خلالها بالشكل الأمثل، لا بدّ من تعلّم "مهارة التخطيط"، التي بدورها ستحدّد مدى الدافعية إلى شيءٍ يطمح إليه "الكلّ" وهو "النجاح".. إذاً فلنبدأ..
لطالما سمعنا أناساً كثراً يشتكون عدم امتلاكهم القدرة على النطق بإجابةٍ محددة عن السؤال :"ماذا أريدُ؟".. ولكن عزيزي القارئ تأكد أن الأمر ليس بصعبٍ أبداً، كلُّ ما تحتاجه من أجل ذلك ورقة وقلم وغرفة هادئة تتيح لك الكتابة بتركيز.. سيكون الأمر "صعباً" و"ثقيلاً" ربما في البداية.. لكنه وبمجرد التكرار سيتحوّل إلى عادة لا يستقيم بك الحال دونها..
ولكن.. لتكن عزيزي على علم بأن التخطيط اليوميّ الناجح، لا يكون إلا وفق قاعدةٍ أساسية ألا وهي :"ابدأ والنهاية في ذهنك".. التفاصيل ضمن التقرير:
أهدافٌ متفاوتة..
البداية هي بإدراك إحدى أهم القواعد في التخطيط الناجح، تتلخّص في خمسة جوانب تنظّم يومنا كلّه هي :(الأعمال التي تؤدي إلى تحقيق أهدافٍ طويلة الأمد، ومثيلتها التي تؤدي إلى تحقيق أهداف قصيرة الأمد، وأعمال تؤدي إلى أهداف طارئة ملحة، وأخرى "روتينية ضرورية"، بالإضافة لوقت نفرده للترفيه عن النفس).
ولكن المشكلة أن المعظم يقضي يومه بين إنجاز الأمور الطارئة ومتابعة الأعمال الروتينية، ولا يجدون الوقت لتنفيذ الأعمال التي تحقق أهدافهم الفعلية، بل و ربما لا يجدون وقتا للترفيه وممارسة الهوايات، فهم يقضون يومهم منذ الاستيقاظ وحتى الخلود إلى النوم في أعمال عشوائية لا يختارون هم فعلها أصلاً.. فغياب التخطيط يهيئ الذهن إلى أن يتقبل كل ما يعرض عليه من أعمال، حتى وإن كانت لا تفيد، بينما التخطيط المسبق يضع الذهن في حالة من الاستعداد والتمييز والمفاضلة بين ما يطرأ عليه من أعمال، وبين أعمالٍ تحقق أهدافاً طويلة الأمد لكنها أيضاً ضرورية.
فالتخطيط، يعطيك شعوراً دائماً هو "الحماس"، عندما تشعر أنك تنتقل من عمل لآخر لتحقق أهدافك، ويجعلك تستمتع بما تفعله لأنك تختار ما تعمل، و بالتالي تتخلى عن الأشياء غير الضرورية، وتنشغل بما يفيدك ويؤدي إلى تحقيق ذاتك، بينما في غياب التخطيط تصاب بالتخبط والإرهاق والضيق، وهذا لأنك تنشغل بأعمال أنت تعرف في قرارة نفسك أنها لا تنفعك.
تخطيط مرن..
مدرب التنمية البشرية محمد الرنتيسي، أكّد أهمية وجود أهداف مسبقة لدى الإنسان كي يستطيع أن يخطط لحياته ويومه بالطريقة الصحيحة، مشدداً على أهمية وضوح الأولويات، والتحلي بالمرونة في التخطيط للقدرة على التعامل مع الطوارئ .
ولفت إلى أهمية قدرة الإنسان على تأكيد الذات وامتلاك الجرأة لقول كلمة "لا" في موضعها حتى يستطيع السيطرة على المقاطعات التي تعترضه خلال اليوم.
ونبه إلى أهمية إتباع قاعدة "ابدأ والنهاية في ذهنك" أثناء تخطيط الإنسان ليومه، موضحاً أهمية أن يكون الإنسان على علم بالأشياء التي يريد تحقيقها في نهاية كل يوم.. بل في الحياة كلها، "فلا يترك الطوارئ للتحكم في حياته مئة بالمئة".
ولفت إلى أن الأعمال التي يمكن أن يضعها الإنسان في تخطيطه اليومي، لها علاقة بالدوائر الاجتماعية والمهنية والشخصية له، والجوانب الرئيسية في حياته، مبينا أن النجاح يعتمد على مدى دقة التخطيط، مفضلاً أن يكون التخطيط مكتوبا لكي يستطيع الإنسان أن يرى بوضوح نسبة إنجازه.
وقال الرنتيسي :"يمكن أن يخطط الإنسان ليومه، في الصباح، عبر الاطلاع على الأشياء التي قام بإنجازها أو لم ينجزها بالأمس، والأشياء التي سينجزها في اليوم نفسه"، لافتا إلى أنه بإمكان أي إنسان اعتبار نفسه "ناجحاً" في تنفيذ تخطيطه إذا وجد نهاية اليوم أنه أنجز 80% مما خطط له مسبقاً.
وأشار إلى ضرورة تقييم الإنسان سير تنفيذه لخطته اليومية نهاية كل يوم، أو في صباح اليوم الثاني قبل الشروع في كتابة تخطيط جديد، مشددا على أن مهارة التخطيط من أهم مهارات النجاح، فبدونها يضيع الوقت حسرة ويشعر الإنسان بالندم، لأن الثانية التي تمضي لا تعود أبداً.
ولفت الرنتيسي إلى أن التخطيط اليومي هو مدخل الإنسان للتخطيط في حياته كلها، ويتم ذلك عبر اقتناعه بأن التخطيط شيء ضروري لحياته ، مبينا أن الالتحاق بالدورات المتخصصة والتدريب الذاتي كفيلان بتنمية قدرة الإنسان على التخطيط .
القواعد السبعة..
وقد يكون من المفيد إتباع هذه القواعد السبع في التخطيط اليومي، والقاعدة الأولى هي بشكل كتابي وليس ذهنياً، إذ يجب تدوين جميع النشاطات والمهام والمواعيد مباشرة في مفكرة خاصة، "وهذه القاعدة تطبق على كل الأمور ولا تستثني منها لا الأعمال الصغيرة ولا الروتينية".. وهكذا تضمن عزيزي القارئ لنفسك الإحاطة بمجريات اليوم كله، وتصبح قادرا على التركيز على الأمور الجوهرية المهمة.
والقاعدة الثانية تتمثل في التخطيط لليوم في المساء الذي يسبقه, فإنك بذلك تجند عقلك الباطن لخدمة مخططك خلال ساعات نومك, وتعطي لنفسك الفرصة للاستفادة من قدراتك الإبداعية الخلاقة عبر ساعات الليل الطويلة وفضلا عن ذلك، فإنك توفر على نفسك قبل التوجه إلى سريرك الأرق الذي كثيراً ما يصحب التفكير بما ينتظرك في يومك القادم من مهام وأعمال ومشكلات ومفاجآت.
أما القاعدة الثالثة فتتمثل في "قدر حاجتك من الوقت وحدد لنفسك حدودا زمنية واضحة"، فأغلب المهام والأعمال قابلة للتوسيع والتمديد إلى ما لا نهاية, لذلك فإن من الضروري أن تحدد لكل نشاط تقوم به حدوداً زمنية واضحة وأن تكون حازما في الالتزام بتلك الحدود.
ورابعا :"لا تدخل ساعات يومك كلها في خطتك اليومية، إذ ينبغي للخطة اليومية الواقعية أن تقتصر من حيث المبدأ على الأمور التي تريد أن تنجزها, وتستطيع أيضا أن تنجزها في يومك، ولا تستهن بما ستحتاجه فعليا من وقت لإنجاز تلك الأمور, بل احرص على ألا تشغل خطتك اليومية في أي حال من الأحوال أكثر من 60% من ساعات يومك، واجمع –خامسا - المهام المتشابهة في فقرات تنفيذية تخصص لها فواصل زمنية واضحة..
بينما القاعدة السادسة فتتمثل في "وضع أولوياتك في المركز"، وهنا.. ابدأ عملك دائما بالأمور الأكثر أهمية لا الأكثر إلحاحاً!
وأخيراً، ركز على الأمور الإيجابية, وحافظ على بهجة يومك ! ثم احرص على ألا يخلو يومك من بعض الأحداث السعيدة والنشاطات التي تحمل لك البهجة والمتعة، فإذا أردت لنفسك النجاح المستمر فلا بد لك من خلق حالة من التوازن بين المتعة والعمل اليومي.
المصدر: صحيفة فلسطين
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
المدونة غير مسئولة عن أي تعليق يتم نشره على الموضوعات