الأقسام الرئيسية

عمرو حمزاوي و علاء عريبى وعباس الطرابيلي: مصر في يوم الغضب

. . ليست هناك تعليقات:

إيلاف

GMT 2:05:00 2011 الخميس 27 يناير

«يوم الغضب» نقلة نوعية في المشهد الاحتجاجي المصري

عمرو حمزاوي
الحياة
كان الثلثاء الماضي يوماً استثنائيا في مصر. والأمر هنا لا يتعلق فقط بالتمدد غير المسبوق منذ سبعينات القرن المنصرم في رقعة الاحتجاجات الشعبية أو بالأعداد الكبيرة نسبياً للمواطنين الذين شاركوا فيها، بل يعود إلى خمس سمات أساسية ميزت «يوم الغضب» المصري وتستدعي التأمل بمضامينها ودلالاتها.
ترتبط السمة الأولى بتوقيت الاحتجاجات. فهي جاءت، وبعد أن ألهمت وحفزت «ثورة الياسمين» في تونس المواطنين في بلدان عربية أخرى كالجزائر والأردن واليمن على الخروج إلى الشارع للمطالبة بحقوقهم الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، لتعبر من جهة عن التحاق البلد العربي ذي الكثافة السكانية الأكبر والتواصل المجتمعي والسياسي مع بلدان المشرق والمغرب بقطار الاحتجاج الشعبي ومطالبة مؤسسات الحكم بإدخال إصلاحات ناجعة، ولتدلل من جهة أخرى على أن ما كان في اللحظات الأولى لـ «ثورة الياسمين» توقعا بإسهامها ربما في كسر حاجز الخوف من السلطوية وقبضة الأجهزة الامنية لدى بعض مواطني بلدان عربية أخرى، قد أضحى نتيجة جلية ومن ثم جوهر التأثير الإقليمي الأهم لهذه الثورة العظيمة. محلياً، تزامن «يوم الغضب» مع العيد السنوي للشرطة المصرية، وفيه تخلد في عطلة عامة ذكرى عمل بطولي قام به بعض أفراد الشرطة في مواجهة قوات الاحتلال البريطاني في مدينة الإسماعيلية عام 1952. ويجافي الصواب من يعتقد أن المضمون الأوحد لهذا التزامن كان تحفيز المواطنين على المشاركة في الاحتجاجات بتنظيمها في يوم عطلة، فقد كان رسالة بليغة إلى أجهزة الشرطة تستدعي الثنائية الحاضرة في مصر منذ عقود والتي أثقلت كاهل العديد من المصريين بين الأصل في دور الشرطة وهو الدفاع عن الوطن وحماية المواطنين من دون تمييز وبين ما تتورط به بعض أجهزتها، بخاصة في ظل سريان قانون الطوارئ، من انتهاكات لحقوق الإنسان وممارسات قمع وتعذيب تطاول أحياناً معارضين وناشطين سياسيين وفي أحيان كثيرة أخرى البسطاء من المواطنين.
السمة الثانية لاحتجاجات المواطنين في مصر تتمثل في المحلية الخالصة للمطالب التي دفعت بها إلى الواجهة. لم ترفع في 25 كانون الثاني (يناير) يافطة واحدة كتبت عليها عبارات من شاكلة «الموت لإسرائيل وأميركا والإمبريالية العالمية» أو «معاً لتحرير فلسطين والعراق»، ولم تسمع في شوارع القاهرة والإسكندرية والسويس سوى شعارات تطالب بالتغيير والحرية والعدالة الاجتماعية في مصر وتدعو لمواجهة الفساد والمفسدين. وفي هذا دليل على تحول نوعي مهم في حراك المصريين ومطلبيتهم، إذا ما قورن إن ببعض احتجاجات الأعوام الماضية التي نظمت على وقع أحداث إقليمية كغزو العراق عام 2003 والحرب على لبنان عام 2006 والحرب على غزة عام 2008-2009، أو بالخلط المتكرر بين قضايا الداخل المصري (الإصلاح والديموقراطية) والشأن الإقليمي (سياسات وممارسات إسرائيل والولايات المتحدة في الشرق الأوسط) من قبل بعض القوى السياسية التي اعتادت الخروج إلى الشارع في تظاهرات محدودة العدد منذ عام 2003. نحن أمام لحظة محلية بامتياز يعيد فيها المصريون إكتشاف المضامين الفعلية للسياسة بكونها قبل إي شيء آخر اهتماماً بالشأن العام وبالظروف الحياتية للمواطنين داخل حدود الدولة الوطنية المعنية. اللافت للنظر في هذا السياق هو حقيقة أن «ثورة الياسمين» التونسية ومجمل الاحتجاجات الراهنة التي تشهدها البلدان العربية، بما فيها احتجاجات الأردن الشديد القرب من فلسطين والقضية الفلسطينية، تدلل على ذات النزوع الناضج والواقعي نحو المحلية وإعطاء الأولوية للشأن الداخلي عوضاً عن الإقليمي.
أما السمة الثالثة لـ «يوم الغضب» المصري، وهنا أيضا نلمح تماثلاً مع المشهد الاحتجاجي في عموم العالم العربي، فهي تسجيله لغياب كامل للخطابات والمقولات الإيديولوجية التي طويلا ما شغلت حيزاً واسعاً في فضاء مصر العام والسياسي. فقد شارك شباب جماعة «الإخوان المسلمين»، وبعض القيادات، في الاحتجاجات ولم تشاهد يافطات «الإسلام هو الحل» أو تسمع شعارات «القرآن دستورنا»، كذلك حضر نشطاء العديد من التنظيمات اليسارية الصغيرة وغاب تقريظهم التقليدي للإمبريالية العالمية والاستعمار والصهيونية. ومع أن إرهاصات تراجع فاعلية المكون الإيديولوجي في ما خص التعبئة وحشد الاحتجاجات الشعبية بدأت في الظهور مصرياً خلال الأعوام الماضية، إلا أن غيابها الكامل يوم الثلثاء الماضي وفي ظل مشاركة أعداد كبيرة نسبياً من المواطنين يعبر عن تحول نوعي آخر شديد الأهمية، له في ظني خلفيتان رئيسيتان. فمن جهة، أخفقت القوى الحزبية وغير الحزبية حاملة الخطابات الإيديولوجية، وفي مقدمها جماعة «الإخوان» وبعض نشطاء اليسار في الأحزاب الناصرية وحركات كـ «كفاية» والإشتراكيين الثوريين، في الدفع نحو تغيير اقتصادي واجتماعي وإصلاح سياسي حقيقي، وبدت جميعها في أعقاب الانتخابات البرلمانية الأخيرة 2010 في وضعية مأزومة وواهنة صرفت البعض عنها وحدّت من الجاذبية الشعبية لمقولاتها بين المصريين. ومن جهة أخرى، نظمت احتجاجات «يوم الغضب» حركات وجمعيات شبابية متحررة في خطابها وفعلها التنظيمي من المكون الإيديولوجي ونجحت من خلال تعبئتها بوسائط العالم الافتراضية في تحفيز الكثير من الشابات والشبان غير المؤطرين إيديولوجياً أو المنظمين حركياً على المشاركة وصوغ مطالبهم الاقتصادية والاجتماعية والسياسية بصوتهم هم وباللغة غير الحجرية وغير «الحنجورية» التي يجيدونها. من ثم جاءت شعارات الثلثاء الماضي مباشرة وبسيطة وقريبة من هموم المواطنين («عايز وظيفة يا كبير»، «كلنا خالد سعيد» .. «كلنا ضد التعذيب»، «كفاية فساد»، وغيرها).
وبالحضور الواسع وغير المسبوق للشباب في الاحتجاجات تتعلق السمة الرابعة. فبعد أن اعتاد المصريون خلال الأعوام الماضية رؤية القوى السياسية والشخصيات المعارضة نفسها تتظاهر في شوارع القاهرة والإسكندرية وغيرهما، ولم يهتموا كثيرا باعتصامات وإضرابات لبعض العمال هنا وموظفي الدولة هناك، تغير المشهد الاحتجاجي على نحو جذري في «يوم الغضب». نعم شارك في الاحتجاجات شباب أحزاب وحركات المعارضة التي قاطعت أو انسحبت من الانتخابات البرلمانية الاخيرة كـ «الغد» والجبهة الديموقراطية والوفد و»الإخوان»، وكذلك بعض قياداتها، إلا أن الشباب غير المنظمين حركياً (وكما أثبتت التقارير والمتابعات الصحافية من مختلف المدن المصرية) شكلوا الكتلة الأكبر بين صفوف المحتجات والمحتجين. وفي هذا دليل نجاح بيّن لجهود التعبئة والحشد التي قامت بها الحركات والجمعيات الشبابية في جسر شيء من الهوة بين النشطاء وقطاع مهم من المواطنين هو عموم الشباب، وترجمة واقعية لقدرة الوسائل الافتراضية على النقل الفعال للتعبئة والحشد الإلكترونيين إلى الفضاء العام المادي للمجتمع (الشارع والإعلام وحياة المواطنين اليومية). وبغض النظر عن التفاوت الرقمي الكبير بين أعداد المتفاعلين افتراضياً مع حركات كـ «حركة 6 إبريل» ومواقع كموقع «كلنا خالد سعيد» (بلغ عدد أعضاء هذا الموقع ما يقرب من 300 ألف) وبين عدد المحتجين (بضعة آلاف في المدن المصرية الكبيرة) وبعيداً عمّا ستحمله الأيام المقبلة من تكرار أو تراجع الاحتجاجات الشعبية، تدفع مشاركة الشباب في المشهد الاحتجاجي في مصر إلى ساحات أكثر رحابة ودينامية من اعتيادية الأعوام الماضية، إن بتظاهر بضع مئات من نشطاء «كفاية» أمام دار القضاء العالي أو باعتصام بعض موظفي الدولة في وسط القاهرة، على أهمية كليهما.
وفي سمة خامسة، مزجت احتجاجات مصر بين مطلب «لقمة العيش» و»خفض الأسعار» و»الحق في العمل» والدعوة إلى إصلاحات سياسية محددة وإجراءات فعالة لمكافحة الفساد ومحاسبة الفاسدين. واذا استمر هذا المزج بين المكونين الاقتصادي - الاجتماعي والسياسي، وهو غاب طويلاً عن المشهد الاحتجاجي من جراء ازدراء بعض القوى السياسية للمطالب الاقتصادية والاجتماعية وتوصيفها كمطالب فئوية وكذلك بفعل شكوك المحتجين على الأوضاع المعيشية في المعارضة وخشيتهم من تسييس مطالبهم لغير صالحهم، فانه سيسلب مؤسسة الحكم واحدة من الأدوات الرئيسية التي وظفتها بانتظام في الأعوام الماضية للتعاطي مع الاحتجاجات الشعبية، من خلال الفصل القاطع بين المطلب الاقتصادي - الاجتماعي والمطالب السياسية وتقديم التنازلات الجزئية في ما خصّ الأولى والتعسف مع الثانية. إن استمر المزج الفعال والمباشر للمكونين ونجحت أحزاب وحركات المعارضة في ترجمته الى مقترحات محددة، ستجد مؤسسة الحكم نفسها أمام مطلب شامل جوهره «وطن أفضل لنا جميعا»، يصعب التحايل عليه بمنطقي الفصل والتجزئة. وعلى رغم أن قيادات أحزاب وحركات كـ «الغد» والجبهة والوفد والجمعية الوطنية للتغيير أحسنت يوم الثلثاء الماضي بتبني مطالب المحتجين واقتراح إجراءات محددة لتنفيذها، كإيقاف العمل بقانون الطوارئ وإطلاق سراح المعتقلين السياسيين وحل البرلمان بمجلسيه (الشعب والشورى) والدعوة إلى انتخابات جديدة ومطالبة الرئيس مبارك بعد خمس فترات رئاسية متتالية بالامتناع عن الترشح في الانتخابات الرئاسية المقبلة، إلا أنهم تجاهلوا في خطأ فادح المطالب الاقتصادية والاجتماعية التي رفعها المحتجون ودفعت بهم على الأرجح إلى شوارع المدن المصرية.
تعني هذه السمات الخمس مجتمعة أن حاجز الخوف لدى قطاع معتبر من المواطنين المصريين قد كسر وأن المشهد الاحتجاجي قد انفتح على الأرجح على مشاركة شعبية واسعة ومطلبية تجمع بين الاقتصادي - الاجتماعي والسياسي بحثاً عن وطن أفضل. وسيجافي مؤسسة الحكم الصواب إن هي ظنت أن مثل هذا المشهد يمكن أن يدار بالقمع تارة، (وللموضوعية فقد امتنعت الأجهزة الامنية عن القمع حتى اللحظات الأخيرة لـ «يوم الغضب»)، وبالتنازلات الجزئية والوعود غير المحددة تارة أخرى، أو كان خيارها السياسي تجاهل مطالب المحتجين والتعويل على إمكان استمرار الأوضاع الراهنة على ما هي عليه من دون تغيير. فالمجتمع المصري يعاني من أزمات معيشية خانقة ومن اختلال مرعب في علاقة مسلميه بأقباطه وفجوة رهيبة بين أغنيائه وفقرائه، وحياته السياسية الرسمية تواجه مأزق شرعية خطيراً في أعقاب الانتخابات البرلمانية عام 2010، والأمران يحتّمان العمل على إبعاد مصر عن شبح الفوضى وتفضيل الشروع في عملية إصلاح حقيقية في ظل استمرار مؤسسة الحكم وانفتاحها على مطالب المصريين المشروعة.
الخروج على الحاكم
علاء عريبى
الوفد
هل يجوز الخروج على حكم الرئيس مبارك؟، هل من مانع دينى يحرم الخروج علي الحزب الوطني الحاكم؟، وهل هذه الموانع تعتمد على نصوص الكتب السماوية أم على تفسير وتأويل المشتغلين بالخطاب الديني؟، بمعنى آخر هل يجوز الخروج على الحاكم الجائر؟، وما هو حد الجور الذى نخرج معه على الحاكم؟، وهل الله عز وجل حرم الخروج على الحكام؟، وما هى حكمته سبحانه وتعالى في أن يعيش البشر أذلاء تحت القهر والفقر والفساد والديكتاتورية؟، ما هي حكمته في أن يموتوا جوعا أو كمدا أو تحت التعذيب في المعتقلات؟، ما هي حكمته سبحانه وتعالى في أن يضحى بالكثرة من أجل فرد جائر أو فاسد؟
لا أخفى عليكم الأسئلة كثيرة، ومن المؤكد أنني لن أستطيع التوصل لإجابات عنها جميعا، وربما قد نتفق على بعض الإجابات، وربما نختلف ونتناقض، لكن يجب ان نعلم أننا فى النهاية نحاول التفكير معا، ونحاول اعادة النظر مرة أخرى في الخطاب الدينى الخاص بالخروج على الحاكم، وهو من حقنا جميعا، لأنه ليس من المعقول أن الله عز وجل حكم على البشرية بأن تخضع وتقبل القهر والتسلط، فهو عز وجل قد أباد العديد من القرى أو من الأنظمة الحاكمة بسبب فسادها وكفرها، كما أنه عز وجل دفع برسله وأنبيائه لكي يدعوا إلى التغيير والخروج على الأنظمة الفاسدة الكافرة، والذي يعيد قراءة قصص الأنبياء يكتشف أن معظمهم، إن لم يكن جميعهم، كانوا يحاولون تغيير نظام الحكم، سواء كان هذا النظام قبلياً أو مؤسسياً، وأن بعضهم نجح بالفعل في الخروج على الحاكم وغيروا نظام الحكم، وتولوا هم السلطة الدينية والسلطة المدنية، والبعض الآخر منهم فشل في مهمته فلم يستجب له أهل القرية الذين أرسلوا إليهم، وسيلاحظ الذى يعيد القراءة لهذه القصص فى الكتب السماوية، أن الله عز وجل وصف الحكام وهذه الأنظمة بالقسوة والتكبر، وأنها ضمنا كانت نظماً فاسدة أخلاقيا وسياسيا ودينيا، خاصة وأن الفساد الخلقي هو الذي يؤدى إلى الانحراف الديني، على سبيل المثال نظام الحكم في مصر خلال فترة النبي موسى عليه السلام قد بلغ مبلغه من الفساد والتكبر والقهر، حيث كان يستعبد الرجال ويغتصب النساء وإلى غير ذلك من السلبيات التي كانت تدفع إلى الخروج والتغيير، وأغلب الظن أن الأنبياء والرسل في بداية دعوتهم كانوا يستميلون البعض من خلال الحديث عن الفساد والقهر، فما الذي يدفع بإنسان مترف مدنيا إلى الخروج على النظام الديني لحكمه؟، ما الذي سيجعله يخالف الحاكم وأهل قريته أو مدينته لكي يعبد إلهاً آخر ويتبع ديانة أخرى؟، لماذا يصطدم مع التقاليد والأعراف والموروث الديني الذي يقام عليه نظام الحكم؟، إذا كان الحاكم عادلا وعطوفا، وإذا كان شعبه يعيش في ترف اقتصادي واجتماعي وسياسي وديني، فما الذي يجعل أحدهم يتنكر لكل هذا ويخرج عليه؟، إذا كنت أعيش حياة كريمة ومريحة وهادئة فلماذا ارفضها وأعاديها بالدخول فى ديانة أخرى؟، إذا كانت الديانة السائدة حققت لي الترف الاقتصادي والعدل الاجتماعي والحرية السياسية، فلماذا أغيرها؟، ولماذا يبعث الله عز وجل رسولا لهدم كل هذه الحياة الكريمة؟.. وللحديث بقية
البطالة.. أو الانفجار الرهيب
عباس الطرابيلي
الوفد
في حوار جري في معرض الكتاب منذ سنوات عديدة تحدثت مع السيد الرئيس قلت لسيادته ان في بيتي قنبلة.. وفي كل بيت مصري قنبلة.. هذه القنابل جاهزة للانفجار في اي لحظة.. واذا حدث فسوف يكون الانفجار رهيباً.. بل خطيراً للغاية.
كان ذلك منذ اكثر من 10 سنوات وكانت المشكلة في بدايتها وبالذات عندما رفعت الحكومة يديها عن مشكلة تعيين الخريجيين والان تفاقمت المشكلة اكثر واكثر وزادت حدتها الي الحد الذي بات يهدد المجتمع كله بضربة موجعة تهدد السلم الاجتماعي بل والامن القومي، لأن المنطق الذي يسود بين الشباب معها هو لماذا احب هذا البلد.. أو حتي لماذا أدافع عنه.. وهو عاجز عن توفير فرصة عمل لي ولأكون اسرة ويكون لي اطفال.. أو بيت يحميني.. واذا غاب البيت الصغير فماذا يعني لي البيت الكبير.
<< ونعترف، وتعترف معنا الحكومة، ان معدل البطالة يتزايد عاماً بعد عام، مهما ادعت الحكومة انها تبذل كل جهدها للتخفيف من حدة هذه الازمة الخانقة.
ولكن علينا ان نعرف اسباب هذه الازمة.. انها ببساطة هجرة الشباب من الريف الي المدن.. هي هجرة كل هؤلاء للارض الزراعية.. مع علمنا ان الزراعة »كانت« تمتص نسبة كبيرة من هذه العمالة ونتج عن ذلك ارتفاع اجور العمالة الزراعية وهذا انعكس علي اسعار المنتجات الزراعية الي حد تضع هذه المنتجات وبأسعارها في نفس مستوي الاسعار الاوروبية والامريكية.. وعلينا ان نعترف اكثر بأن التوسع الزراعي الجديد، في الارض الجديدة وغيرها، لم يسحب نسبة كبيرة من هذه الايدي الزراعية.. لأن هذه الزراعة الجديدة تعتمد كثيراً علي الميكنة الزراعية، وعلي الآلة.. فضلاً عن عدم قدرة عقلية الفلاح المصري علي التكيف كثيراً مع الالات الجديدة.
<< نقطة اخري هي ابتعاد الصناعة المصرية الحديثة عن الصناعات كثيفة العمالة.. وفي مقدمتها صناعة الغزل والنسيج وليس سراً أن اكثر من ثلث العمالة المصرية حتي عام 1965 كانت تعمل بقطاع الغزل والنسيج وكانت اجورها هي الاعلي بين الصناعات المصرية كلها.. وحتي الصناعات الغذائية التي كانت تليها تكاد تكون انكمشت الي حد كبير، رغم انها كانت تمثل الصناعة الثانية في مصر.. فضلاً عن انها كانت توفر للمصريين صناعة طيبة أحبها الناس.
ولكن وجدنا الشلل الذي اصاب صناعة الغزل والنسيج قد اصاب ايضاً الصناعات الغذائية.. وربما توسعت صناعة المشروبات الغذائية ولكنها ليست من الصناعات كثيفة العمالة.. أن 90٪ منها يعتمد علي الالات.
<< وكانت صناعة التعدين توفر العديد من فرص العمل للمصريين وبالذات صناعة تعدين الفوسفات، في سيناء.. وفي ابو طرطور في الصعيد.. وكلنا يعلم ما حدث للاولي من شبه اغلاق لهذه الصناعة في سيناء.. وكلنا يعلمون ايضاً مأساة مشروع فوسفات ابو طرطور الذي كلف مصر المليارات ثم هاهو يكاد يتوقف.. وكانت في مصر صناعة طيبة للمنجنيز وبالذات سيناء.. فقفلناها هي وصناعة الفيرومنجنيز وكانت اخر اخبارها قبيل حرب 1967 بشهور قليلة.. وكانت في مصر صناعة للبحث واستخراج الفحم وايضا في سيناء ولكن هناك من قتلها حتي اغلقنا منجم فحم المغارة هذا، بحجة ان هذا الفحم دون مستوي الفحم الاجنبي. فأغلقنا مناجمنا واخذنا نستورد الفحم الاجنبي لمصلحة المستوردين!! وكذلك ضربنا صناعة الحديد والصلب في التبين بحلوان التي كانت من اهم قلاعنا الصناعية.. لتحل محلها مصانع احمد عز التي تعتمد علي استيراد البليت من الخارج.. وشراء الحديد المستعمل من الكباري.. وغيرها..
<< وها هو مصنع شركة النصر للسيارات في وادي حوف يكاد يغلق ابوابه بعد ان ظل يوفر للسوق المصرية 90٪ علي الاقل من الاحتياجات وتم ذلك لمصلحة مصانع القطاع الخاص، واصبحنا نستورد حتي سيارات النقل.. ليربح المستوردون ـ وهم قلة ـ المليارات علي حساب مصلحة المستهلكين. تماماً كما اهملنا النقل بالسكة الحديدية وهو الارخص لمصلحة مستوردي سيارات النقل والمقطورات فزاد نزيف الدماء علي اسفلت الطرق البرية.
إننا لسنا نجمع اسباب تصاعد عدد العاطلين.. ولكننا بصدد البحث عن حلول لهذه المشكلة الخطيرة.. قبل ان ينفجر بركان الغضب.. واذا قلنا ان مصر لديها اكبر جهاز اداري في العالم مقارنة بعدد السكان.. فان علينا ان نغير العقلية المصرية.. من بحث عن تعليم من اجل الوظيفة الميري الي تعليم يوفر فرص عمل افضل.. في القطاع الخاص..
<< ولكن كيف؟.. تلك هي المعضلة!!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

المدونة غير مسئولة عن أي تعليق يتم نشره على الموضوعات

اخر الاخبار - الأرشيف

المشاركات الشائعة

التسميات

full

footer