الأحد، 9 يناير 2011 - 11:13
كتبت شيماء بهجت
بدأت صباح اليوم السبت عمليات الاستفتاء لتقرير مصير جنوب السودان فى أكبر دولة فى أفريقيا، بموجب اتفاق السلام المبرم بين شمال السودان وجنوبه عام 2005 بعد 21 عاما من الحرب، مع آمال وتطلعات بأن تتم العملية كاملة حتى إعلان النتيجة، فى جو آمن ونزيه وحر، يفضى لسلام مستدام سواء ظل السودان واحدا - كما هى أمنيات الكثيرين فى الشمال - أو انفصال لدولتين.
يحد السودان تسع دول هى مصر فى الشمال وليبيا وتشاد وجمهورية أفريقيا الوسطى فى الغرب والكونغو وأوغندا وكينيا فى الجنوب وإريتريا وإثيوبيا فى الشرق. ويطل ساحله فى الشرق على البحر الأحمر على امتداد 800 كلم، ويعبره نهر النيل من الجنوب إلى الشمال. ومساحتها مليونان و505 آلاف كيلو متر مربع بينها 589 ألفا و745 كلم مربع للجنوب حوالى 24% من البلاد، عاصمتها الخرطوم فى الشمال وجوبا فى الجنوب، وعدد سكانها 42 مليون نسمة (توقعات 2009) بينهم 8,5 مليون فى الجنوب يشكلون عشرين بالمائة من مجمل سكان السودان.اللغة الرسمية العربية بينما تستخدم الإنجليزية على نطاق واسع فى الجنوب، كما يشكل المسلمون غالبية فى الشمال (70%) حيث تطبق الشريعة الإسلامية منذ 1983، بينما يدين القسم الأكبر من الجنوبيين بالمسيحية.
فى 1820 غزا محمد على السودان، وفى 1885 طرد رجال المهدى رجل الدين الذى قاد حركة تمرد، القوات البريطانية التى قادها الجنرال جوردن من الخرطوم. خضع السودان لإدارة بريطانية-مصرية مشتركة عام 1899 حتى استقلاله فى 1956. وشهد حربا أهلية من 1955 إلى 1972. وحكم جعفر النميرى من 1969 حتى الانتفاضة الشعبية فى 1985. نظمت البلاد فى 1986 آخر انتخابات تعددية فاز فيها حزب الأمة بزعامة الصادق المهدى الذى أقام حتى 1989 نظاما برلمانيا أطاح به انقلاب عسكرى فى يونيو 1989 بقيادة العميد البشير حينها وبدعم من الإسلاميين.
شهدت البلاد من 1983 إلى 2005 حربا أهلية بين الشمال والجنوب انتهت فى التاسع من يناير 2005، بتوقيع اتفاق سلام مع الحركة الشعبية لتحرير السودان. وأوقعت هذه الحرب مليونى قتيل وشردت أربعة ملايين شخص.
فى فبراير 2003، اندلع النزاع فى إقليم دارفور فى غرب البلاد. وفى مارس 2009، أصدرت المحكمة الجنائية الدولية مذكرة توقيف بحق الرئيس عمر البشير بتهمة ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية.
وتطالب حركات التمرد فى دارفور بتقاسم منصف لموارد البلاد خصوصا النفطية منها. وأدى النزاع إلى مقتل 300 ألف شخص ونزوح أكثر من مليونين. وفى شرق البلاد تدور معارك متقطعة بين القوات الحكومية والمتمردين الذين يتهمون الخرطوم بـ"تهميش" منطقتهم.
وبعد الاستفتاء تبقى منطقة آبيى المتنازع عليه تحمل كل مكونات نزاع قد يتفجر بين الشمال والجنوب، من مشاكل الحصول على المياه إلى العطش للنفط والتنافس القبلى التاريخى والتطرف.
وينص اتفاق السلام الذى أنهى فى 2005 حربا أهلية استمرت عقدين بين الشمال والجنوب فى السودان، على إجراء استفتاءين "متزامنين" فى التاسع من يناير 2011 واحد حول استقلال الجنوب والثانى حول إلحاق آبيى بالشمال أو الجنوب.
وينظم الاقتراع الأول اليوم الأحد لكن الثانى أرجىء إلى أجل غير مسمى إذ أن المتمردين السابقين فى الحركة الشعبية لتحرير السودان (جنوبية) وقبيلة دينكا نجوك من جهة وعرب المسيرية وحزب المؤتمر الوطنى من جهة ثانية لم يتفاهموا على حق تصويت الناخبين، وبقى الخلاف قائما حول تحديد حدود منطقة آبيى.
فبعد الحرب الأهلية، شكل الشماليون والجنوبيون لجنة لتحديد حدود آبيى لكن نتائج أعمالها لم تلق إجماعا.
وبعد اشتباكات دامية فى 2008 فى آبيى أثارت مخاوف من تجدد الحرب بين الشمال والجنوب، ورفع الجانبان الخلاف إلى هيئة التحكيم الدائمة فى لاهاى. وقضت هذه المحكمة بتقليص مساحة هذه المنطقة لتصبح حوالى عشرة آلاف كيلو متر مربع يقيم عليها خصوصا جنوبيو قبائل الدينكا نجوك ومنحت الجزء الآخر الذى تتركز فيه حقول النفط، إلى شمال السودان.
ولقى هذا القرار موافقة الحركة الشعبية لتحرير السودان بزعامة سلفا كير ومن حزب البشير والمؤتمر الوطني، وقبائل دينكا نجوك.
لكن قبائل المسيرية التى قاتلت مع الشماليين خلال الحرب الأهلية رفضته. وتراجع الحزب الحاكم فى الخرطوم بعد ذلك عن قراره ودعم مطالب المسيرية.
وتنتقل هذه القبيلة العربية الشمالية كل سنة خلال موسم الجفاف إلى بحر العرب الذى يسميه الجنوبيون نهر كير بحثا عن مراع لماشيتها، قبل أن تدخل الأراضى الجنوبية.
وهذا النهر يعبر آبيى. وبما أن قانون الاستفتاء يمنح قبائل دينكا نجوك حق التصويت ولا يمنح المسيرية هذه الإمكانية، فهى تخشى ألا تتمكن من الوصول إلى النهر إذا ألحقت آبيى بالجنوب.
وجرت مفاوضات بين حركة التمرد الجنوبية السابقة والحزب الحاكم فى الشمال وقبائل الدينكا نجوك والمسيرية برعاية الولايات المتحدة والاتحاد الأفريقى إلا أنه لم تجد. وتشكل أزمة آبيى دليلا واقعيا على الصعوبات المرتبطة بتحديد الحدود.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
المدونة غير مسئولة عن أي تعليق يتم نشره على الموضوعات