الأقسام الرئيسية

الشريف: غياب الاتحادات الطلابية ينسجم مع فقدان الممارسة الديمقراطية

. . ليست هناك تعليقات:
لماذا لا تؤثر الجامعات السعودية على اتجاهات طلابها؟
إيلاف

GMT 4:30:00 2010 الثلائاء 28 ديسمبر


" تلاشى الخوف والتوتر نهائيا... لقد اكتشف أن المسألة لاتعدو تغيرا في الأسماء فقط، أما اللب فهو واحد. تحول الأستاذ إلى دكتور، والمدرسة إلى كلية والحصة إلى محاضرة، والفصل إلى قاعة. بل وأصيب بخيبة أمل مع استمرار المحاضرات، اذ اكتشف أن المعرفة التي يبحث عنها غير متوافرة في تلك المحاضرات. إنه يريد دراسة الرأسمالية والاشتراكية والماركسية والمذاهب السياسية والاقتصادية،التي أولع بها منذ أن قرأ (دراسات في المذاهب والنظم) للويس عوض، و(المذاهب الاقتصادية العظمى) لراشد البراوي.ولكنهم يدرسونه هنا مواد لايستسيغها،بل ويشعر بالنفور منها،إذ لاعلاقة لها بما في ذهنه "


جديس الحسن من الرياض :في كتابه "سيكولوجية الجماعات والقيادة" يذكر د.لويس مليكه دراسة قام بها الاجتماعي نيوكمب مابين عامي 1935م ، 1939م في كلية البنات الليبرالية الأمريكية (بيننقتون) على اتجاهات طالبات جميع المستويات تجاه قضايا سياسية واقتصادية ، ورغم اتجاهات الكلية الليبرالية إلا أن طالباتها يأتين من قطاعات مختلفة تغلب عليها المحافظة ، وكان هدف الباحث التعرف على نتائج العضوية في جماعة الكلية على طالباتها.لقد كانت أبرز النتائج تتلخص في كون اتجاهات طالبات السنة الأولى تتوافق مع خلفيتهن الاجتماعية بينما العكس عند طالبات السنوات المتأخرة اذ تغيرت اتجاهاتهن تأثرا بمعايير الكلية، وبذلك فإن الكلية بمثابة جماعة مرجعية لهؤلاء الطالبات،ومن المهم التطرق لدراسة تتبعية لهذه الدراسة قام بها نيوكمب وزملاؤه بعد 25 عاما أي في عام 1967على العينة السابقة وقد وجد أن القيم التي تغيرت خلال الدراسة قد استمرت وانعكست على نتائج الانتخابات الرئاسية عام 1960 حيث فضلت 60% من خريجات الكلية المرشح الديمقراطي كينيدي على الجمهوري نيكسون إلى جانب ميل العينة لقراءة الجرائد الليبرالية واختيار المهن التي تسمح لهن بالتعبير عن القيم الليبرالية.إن هذه الدراسة ودراسات أخرى ظهرت نتائجها في ميادين الحياة قد أكدت قوة تأثير الجامعات على طلابها ،تاريخيا يشار إلى وجود وثيقة تعود للقرن 19 تحتوي 500 صفحة حسب الباحث محمد القجيري تتحدث عن أثر أقدم وأول جامعة مستمرة في العالم (القرويين) بمدينة فاس في المغرب على طلابها ، مفيدة أن كل المتعلمين الريفيين تقريبا درسوا في جامع القرويين وحينما عادوا إلى الريف عادوا محملين بأفكار هذا الجامع ومارسوا القضاء في الريف.
يشرح الشريف :
"لمصطلح مرجعية reference عند علماء النفس الاجتماعي دلالة خاصة تستخدم في تفسير تصرفات الشخص. فاتجاهات المرء،وهي التي تتكون منها معظم بنيته النفسية، تعتبر إطارا مرجعيا يؤثر على أفكاره ومشاعره وسلوكه. والمعرفة أهم وظيفة للاتجاهات، حيث يتصرف الإنسان حسب الموقف الذي يجد نفسه فيه بوحي من اتجاهاته.والمرجعية هي الإطار المستخدم في تفسير التعلم بالملاحظة أو النمذجة أو التعلم البديل. ويميز العلماء في هذا الإطار بين الجماعة المرجعية والعضوية. الأخيرة هي أي جماعة يصنَّف الفرد فيها لكنه لا ينتمي لها ذاتيا، أي أن انتماءه الاسمي لا يؤثر على إدراكه لذاته.لا يعرف نفسه في ذلك الإطار ولا يفخر بتقديم نفسه كعضو في تلك الجماعة التي لا يتماهى معها. ومثال ذلك انتماء شخص لوطن مبتلى بحكم دكتاتوري. فهو يُصَنَّفُ مواطنا فيها بينما هو متباين عن التصنيف. أما الجماعة المرجعية فهي أي جماعة يعتبر المرء نفسه جزءا منها، وهي مصدر للتأثير على أفكاره ومشاعره وسلوكه. وتختلف درجة تأثيره باختلاف درجة تماهيه معها. ومن الواضح أن اتجاهات المرء نحو جماعته المرجعية في عمومها إيجابية. ويمكن النظر إلى تماسك الجماعة على أنه محصلة لاتجاهات الأفراد الإيجابية نحو بعضهم البعض، ونحو الجماعة ككيان نفسي مهم لهم ونحو قيادتها. وقد تصل درجة تماهي الفرد مع جماعته حدا يمتزج معه كيانه بكيانها كما يبرز ذلك في قول الموفق إلى طاعة ربه:
ولست أبالي حين أقتل مسلما على أي جنب كان في الله مصرعي
وليس بعيدا مع اختلاف السياقين، قول الآخر:
وإن أنا إلا من غزية إن غوت غويت وإن ترشد غزية أرشد
كما أن شدة تأثير تماهي الفرد قد يدفعه إلى القيام بأفعال لا تروق له على المستوى الشخصي، لكنه يفعلها بتأثير من إدراكه لانتمائه الفئوي.وليس من الضروري أن تكون هناك مبررات منطقية أو أدلة موضوعية تبرر تأثر الفرد بجماعته المرجعية.فالكثير منا نحن المسلمين يستهجن التمييز العنصري العرقي كالذي كان سائدا في جنوب أفريقيا وأوروبا وأمريكا،رغم من أنه قد يمارس تمييزا عنصريا مشينا لا يختلف في بشاعته عن ذلك الذي يستهجنه! ولهذا علاقة بمعايير الجماعة التي تحدد السلوك المقبول من أفرادها في موقف معين"

لقد كان من ضمن ما أقره مجلس الشورى في عام 2008 بخصوص نظام الجامعات تشكيل اتحادات طلابية في الجامعات السعودية ، لا توجد في جامعة الملك سعود كمثال اتحادات طلابية لكن هناك برنامج حديث هو برنامج "الشراكة الطلابية" تتحدث رؤيته عن شراكة فعالة بين الطالب والجامعة، وبالنظر إلى مشاريع البرنامج يمكن فهم الرؤية والأهداف حيث تتوفر البرامج التدريبية والتطوعية ، لكنه ليس اتحادا طلابيا، الشريف يأسف لغياب الاتحادات والذي بدوره يؤثر سلبا على نضج الطلاب رغم اعتقاده بالانسجام ما بين غياب الاتحادات وغياب الممارسة الديمقراطية من أساسها إضافة إلى أن الجامعات تتبع سياسة التعليم العليا ،والاقتصاد وسياسة الدولة ليست مواضيع مشتركة"إن الأمر يقضى حين يغيبون ولا يستأمرون وهم شهود".

في دراسة مسحية أجراها أ.خالد السناني عام 2007 على طلاب جامعة الملك سعود تحت عنوان (دور الصحافة السعودية في نشر المعرفة السياسية) خلص الباحث لنتائج أهمها كشف الدراسة عن درجة متوسطة في المعرفة السياسية المحلية والدولية ودرجة دون المتوسطة في المعرفة السياسية العربية لدى أفراد العينة ، كما أن الموضوعات الصحفية السياسية هي المصدر الرئيس للمعرفة السياسية ، ومن اللافت ذكر الإذاعة كمصدر معرفة سياسي أول لطلاب قسم الكيمياء بينما الصحافة المصدر الأول لطلاب العلوم السياسية والتلفزيون لطلاب الإعلام.
قبل الدراسة السابقة بسنتين قام أ.خالد الشايع بدراسة على عينة من الجامعة نفسها تحت عنوان ( قراءة الشباب للصحف السعودية اليومية) ليجد أن مدى متابعة الطلبة والطالبات للصحف اليومية هو 2.11 ويصفها بالضعيفة . ويبدو أن صحيفة (رسالة الجامعة ) التي يصدرها كل سبت قسم الإعلام بجامعة الملك سعود والتي توج أول أعدادها عام 1395ه بكلمة خاصة من جلالة المغفور له الملك خالد بن عبدالعزيز تكتفي بالتركيز على أخبار الجامعة ومجتمعها الداخلي دون التطرق لمواضيع السياسة والاقتصاد ، والرسالة توزع مجانا وتوفر لمنسوبي الجامعة و قد انطلقت بحلة الكترونية جديدة قفزت بأعداد متصفحيها لتتبوأ مركزا متقدما في قائمة بوابة الجامعة ، يقول فيها الشريف:
"لا أستطيع اعطاء رأي موضوعي في صحيفة ’رسالة الجامعة‘. يذكر بعض زملائي ممن شهدوا نشأتها بأنهم كانوا يحرصون على مطالعتها، وأنها كانت متميزة في مناقشة موضوعات حيوية.الذي يظهر أن صحيفة الجامعة أفلت مع التغيرات التي أودت بنظام الساعات، والتغيرات التي كان مصدرها أمني. وعلى العموم أنا لا أحرص على مطالعتها إلا لماما. أرسلت لها مرة موضوعا للنشر قدمت في أوله رسالة لرئيس التحرير أطلب منه نشر مقالي كما هو أو يمتنع إن كان لا ينسجم مع سياسة النشر.فوجئت بتدخل رئيس التحرير العتيد في مقالي ويغير ويبدل زعما أننا لا ندري عن الضغوط التي يواجهونها. فاتصلت به ووجهت له اللوم إذ لم يلتزم بأخلاقيات مهنته. ولم تخفف كلماته بأنني "مشروع كاتب جيد!" من مرارة شعوري باغتصاب مقالي وتحريفه عن مقصده. والحق أقول بأني لا أفخر بتقييمه لي فأنا أعلم منه، على الأقل، بنفسي وبعيوبي وبجوانب قصوري. هذه الواقعة ليست الوحيدة إذ تدخل أحد محرريهم، بطريقة لا تنم إلا عن ضعف في احترافية القائم بذلك وتعال وادعاء، لتغيير عنوان لمقال ساخر لأحد زملائي في القسم. ولذلك فإنني أتمنى على معالي مدير الجامعة أن يوجه بأن لا تسرف رسالة الجامعة باستخدام ورق من نوعية فاخرة جدا في طباعتها!"

في حرم الجامعة وأروقتها يمكن ملاحظة "الشلل" وهي جماعة تتكون بتجاذب أفرادها ، ورغم أن الجامعات الحكومية السعودية تقبل الاجانب لكن نسبة القبول الضعيف جدا لا يساعد في ملاحظتهم ، كما أن منظر أي تجمع في جامعة سعودية عدا كاوست هو متكون من جنس واحد ، حيث الجامعات منفصلة ، أقسام للطالبات وأقسام للطلاب، يمكن أن يدرس أكاديميون ذكور في أقسام الفتيات من خلال شبكة تلفزيونية داخلية أو قاعات زجاجية مظللة كما في الأقسام العلمية لكن لا تدرس أكاديميات إناث في أقسام الطلاب ، بالمقابل هناك مايزيد عن 80 ألف طالب وطالبة مبتعثين سعوديين يدرسون في جامعات عالمية مختلطة و متعددة الجنسيات مما يطرح أسئلة حول النضج الشخصي لهؤلاء عن طلاب الداخل وأيضا إدارك الآخر الغائب والإحساس بالقضايا العالمية وهموم الشعوب الأخرى من خلال التفاعل المباشر وليس عن طريق الوسائل الإعلامية فقط. يعلق الشريف:
"بالنسبة للجنس الآخر، فالذي أراه من وجهة نظري أن العزل المعتسف بين الجنسين لا ينسجم مع طبائع الأشياء. كما أن استقراء الوقائع التاريخية تدفعني للتشكك في أن ما هو قائم بالفعل موروث ثقافي أكثر منه أمر رباني. قد لا يوافقني معظم الناس في قولي ومن حقهم ذلك وهم معذورون. لكن الذي اعتقده أن ما هو قائم، خاصة في ظل المؤثرات الحالية، لا يسهم في نضج علاقة سوية بين الجنسين. والقاعدة الأصل أن الرجال شقائق النساء.
كما أن الانفتاح على الآخر يقتضي وجود برامج منظمة للطلاب الزائرين. والملاحظ أن الطلاب الوافدين أو طلاب المنح كما يسمون متواجدون في تخصصات معينة ما يعني بالضرورة ضعف تأثير وجودهم على توعية مواطنينا بثقافاتهم. كما أنهم، مما أرى، وقد أكون مخطئا، معزولون يكونون بؤرا مسيجة لا تتيح نفاذ تأثيرهم إلى عموم الناس. والجهود الإعلامية التي تحاول سبر أغوار ثقافتهم، في نظري، تتسم بالفجاجة والضحالة.أدرك أن التوجه الإسلامي المعلن كسياسة للدولة يقتضي أن يكون الناس في مجتمعنا أكثر عالمية ونضجا وانفتاحا وتحملا لاختلاف الآخرين عنا في ثقافتهم لكني لا أعتقد أن الجامعة وحدها مسؤولة عن تخريج ذلك الفرد الناضج المتعدد الثقافات"

الانفتاح على الآخر، استثمار النماذج أو القدوات ،توسيع دائرة التأثير من خلال تعدد المرجعيات والحوار هي عوامل تصب في مصلحة التقارب على أي مستوى ونوع من الجماعات وخصوصا الكبيرة كمجتمع الجامعة الذي يضم نسبة من الشباب السعودي الذي يشكل أكبر فئات المجتمع ، والجامعات في زمن تعدد المصادر المعلوماتية لابد أن تتجاوز مستوى المعلومة لمستوى المعرفة لتكون جماعة مرجعية ايجابية لمرتاديها ، وأخيرا فإن الفيزيائيون يعتقدون بأن الطبيعة لاتسمح لمكوناتها بأن تحاصر ويشبه برايان غرين في كتابه (الكون الأنيق) هيجان الالكترون عند محاصرته بمن أصيب بعقدة الخوف من الأماكن المغلقة حيث يصبح كالمجنون يتحرك في كل الاتجاهات ليتحرر . يقارب الشريف:
"قبل فترة تسبب دييونغ لاعب مانشستر سيتي الهولندي في كسر ساق حاتم بن عرفة المعار إلى نيوكاسل، فسارعت إدارة المنتخب الهولندي بإعلان عدم دعوة دييونغ للانضمام للتشكيلة المشاركة في تصفيات أمم أوروبا. وعقب يوهان كرويف اللاعب الهولندي الأسطورة بتأنيب اللاعب على عنفه قائلا "يجب أن ينتبه ويتذكر أنه قدوة لكثير من أبناء الجيل الصغير. إنني أثني على قرار إسقاطه من حسابات مدرب الفريق الوطني." وحين كان أحمد حسام اللاعب المصري في قمة مجده يلعب لأياكس أمستردام تعمد ضرب مدافع من الخلف فباعه أياكس فورا لناد أسباني ولم يسمح له بالبقاء في الفريق رغم الاحتياج لخدماته. وتابعو الحملة التي يتعرض لها لاعب بحجم وأهمية وين رووني عندما فاحت أخبار خيانته لزوجه. وبالمقارنة بما يحدث لدينا يدرك حجم الإخفاق الذي كان بالإمكان تلافيه واستثمار الرياضة بالطريقة الصحيحة. لكن حجم المأساة يكبر إن كنا لا نعي أهمية تلك الجهود، أو كنا ننفخ في قِرَبٍ فارغة لا يمكن أن تمثل في وعي الأمة الضاربة أطنابها في أعماق التاريخ رموزا تستحق أن تحتذي. إن إيساد الأمر إلى غير أهله فيه حرمان للأمة من الاقتداء بنجومها، وإذا أوسد الأمر إلى غير أهله فانتظر الساعة. فالمتاح مداه واسع لكنه يصطدم بتقييد الحريات الفردية والجماعية"

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

المدونة غير مسئولة عن أي تعليق يتم نشره على الموضوعات

اخر الاخبار - الأرشيف

المشاركات الشائعة

التسميات

full

footer