الأقسام الرئيسية

حرب جزائرية مقنّعة، بل مكشوفة جدا، على المغرب!

. . ليست هناك تعليقات:


مرة اخرى تهرب الجزائر الى الأمام. فحلم عبدالعزيز بوتفليقة بان يكون هواري بومدين آخر يمنعه من التعاطي مع الواقع ومع ان الجزائر دولة من العالم الثالث تمتلك النفط والغاز، لكنها لا تستطيع بناء مدارس وبيوت لابناء شعبها!

ميدل ايست أونلاين

بقلم: خيرالله خيرالله

تعتبر الاحداث التي تشهدها الصحراء الغربية هذه الايام تطورا في غاية الخطورة نظرا الى انها ليست في الحقيقة سوى حرب مغربية- جزائرية بكل معنى الكلمة. انها عمليا حرب مقنّعة، بل مكشوفة جدا، تشنها دولة عربية كبيرة على دولة عربية كبيرة اخرى بهدف الهيمنة لا اكثر ولا اقلّ. تستخدم الجزائر في هذه الحرب عناصر مخربة تسللت الى الصحراء مستفيدة من الرغبة المغربية في ابداء حسن النية وايجاد مخرج يحفظ ماء الوجه للجميع، بما في ذلك لتلك الاداة المسماة جبهة "بوليساريو". قبل المغرب التفاوض مع "بوليساريو"، على الرغم من الرفض الشعبي الواسع لهذه الخطوة، تسهيلا لبلوغ حل يوفر مزيد من العذابات على الصحراويين خصوصا ويؤمن لهم الانتماء الى وطن يؤمن لكل منهم العيش الكريم في ظل دولة القانون والمؤسسات. مرة اخرى، في حال كان مطلوبا فهم ما يدور حاليا في الصحراء، فان ما يجري يمثل بكل بساطة حربا تشنها الجزائر على المغرب بالواسطة.

لماذا الحرب ولماذا ذهاب الجزائر بعيدا في المواجهة مع المغرب؟ الجواب ان الجزائر لم تتخل بعد عن مشروعها الاصلي المتمثل في استخدام الصحراويين وقودا في معارك لا هدف لها سوى الحصول على ممر الى المحيط الاطلسي، عبر الصحراء. بكلام اوضح، ان الجزائر لا تريد سوى اقتسام الصحراء مع المغرب لتؤكد انها دولة مطلة على الاطلسي وليست مجرد دولة متوسطية وانها، باختصار شديد، القوة المهيمنة في المنطقة وذلك بغض النظر عن كل ما تتشدق به عن انها تريد السماح للصحراويين بممارسة حق تقرير المصير. عن اي حق تتحدث الجزائر وعن اي صحراويين؟ لماذا لا تقيم على ارضها دولة للصحراويين الموجودين عندها. الصحراويون موجودون في دول عدة ممتدة من موريتانيا الى جنوب السودان مرورا بالمغرب والجزائر ومالي والسنغال والنيجر وحتى ليبيا. ورئيس ما يسمى "الجمهورية الصحراوية" السيد محمد عبدالعزيز مواطن مغربي كان والده عسكريا في الجيش المغربي، وهو بالتالي مجرد مواطن مغربي يتمتع بالحقوق التي يتمتع بها اي مواطن في المملكة...

طرح المغرب قبل فترة مشروع الحكم الذاتي الموسع اساسا للتفاوض مع "بوليساريو" والذين يوجهونها من الجزائر. في النهاية، ان الصحراء الغربية ليست جنوب السودان ولا يمكن في اي شكل الحديث عن دولة مستقلة في الصحراء نظرا الى ان الصحراويين موجودون في دول عدة في المنطقة. الاهم من ذلك، ان البحث في اي حل لقضية الصحراء، لا يمكن ان يكون على حساب المملكة المغربية ووحدة اراضيها. ما تحقق في الصحراء الغربية التي هي جزء لا يتجزأ من الاراضي المغربية كان انجازا للشعب المغربي الذي شارك في "المسيرة الخضراء" في تشرين الثاني- نوفمبر من العام 1975. لقد قدم الشعب المغربي تضحيات كبيرة من اجل استعادة الصحراء من الاستعمار الاسباني. وخاض الجيش المغربي في السبعينات والثمانينات من القرن الماضي سلسلة من المعارك للمحافظة على الصحراء في وقت كانت الجزائر تحتضن جبهة "بوليساريو" وتشجعها على مهاجمة المواقع المغربية في الصحراء مستفيدة من الحرب الباردة. استمر هذا الوضع الى حين تمكن المغرب من الانتصار في حرب الصحراء بعدما بنى الجدار الذي حمى مواقعه ومكنه من رد الهجمات الجزائرية التي كانت "بوليساريو" مجرد رأس حربة لها.

حسم المغرب حرب الصحراء عسكريا في منتصف الثمانينات من القرن الماضي. استطاع صد الهجمات الخارجية على جيشه. ما يحصل الآن هو عودة جزائرية الى الحرب ولكن عن طريق هجمات تشن من داخل الصحراء. تستفيد الجزائر من تسلل عناصر "بوليساريو" الى العيون ومحيطها. وتستفيد خصوصا من الرغبة المغربية في عدم استخدام القوة مع اي تمرد في المخيم القريب من العيون، حتى لو كانت العناصر التي تقود هذا التمرد مجموعة من الخارجين عن القانون. وهذا ما يفسر الى حد كبير سقوط هذا العدد الكبير من الضحايا في صفوف قوات الامن المغربية التي كانت لديها اوامر صارمة في المحافظة على الارواح وعدم ارتكاب اي تجاوزات، حتى لو تكبدت خسائر في الارواح.

لا شك ان الوضع خطير في الصحراء الغربية. لكن من الآن، يمكن القول ان الحرب على المغرب من داخل ستفشل مثلما فشلت الحرب من خارج. شيئا فشيئا، سيعيد المغرب سيطرته التامة على الصحراء وعلى العيون متفاديا اراقة الدماء، تفاديا للسقوط في الفخ الذي كان يراد له السقوط فيه. قبل ان تتحدث السلطات الجزائرية، متلطية بـ"بوليساريو" عن حقوق الانسان في العيون، لماذا لا تكشف مصير القيادي الصحراوي مصطفى سلمى ولد سيدي مولود الذي اعتقل في ايلول- سبتمبر داخل اراضيها لمجرد الاعلان عن تأييده لمشروع الحكم الذاتي الموسع الذي طرحه المغرب ؟

لا وجود لاسرار في قضية الصحراء. ستستمر الجزائر في حربها على المغرب نظرا الى ان النظام فيها يحتاج باستمرار الى ممارسة عملية هروب الى امام تفاديا لمواجهة المشاكل الحقيقية للبلد من جهة وسعيا الى تأكيد الدور الاقليمي المهيمن للجزائر من جهة اخرى. انه دور وهمي اكثر من اي شيء آخر. فبدل السعي لمثل هذا الدور على حساب المغرب وتونس وليبيا، لماذا لا يكون هناك تركيز جزائري على الحرب على الارهاب والفقر داخل البلد؟ هل هناك حاجة الى عمليات جديدة يشنها المتطرفون من "القاعدة"وما شابهها لتستفيق الجزائر وتبتعد عن الاوهام مجددا... ام ان حلم عبدالعزيز بوتفليقة بان يكون هواري بومدين آخر يمنعه من التعاطي مع الواقع ومع ان الجزائر دولة من العالم الثالث تمتلك النفط والغاز، لكنها لا تستطيع بناء مدارس وبيوت لابناء شعبها!

خيرالله خيرالله

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

المدونة غير مسئولة عن أي تعليق يتم نشره على الموضوعات

اخر الاخبار - الأرشيف

المشاركات الشائعة

التسميات

full

footer