السبت, أبريل 2, 2016 | |
بعد سنوات من الهدوء ووقف إطلاق النار، تجددت الاشتباكات
بين القوات الأرمينية والأذربيجانية على الحدود بينهما في إقليم «ناجورني
قره باغ» المتنازع عليه بين البلدين، حيث أعلنت وزارة الدفاع الأرمينية عن
اندلاع معارك عنيفة على خط التماسّ مع القوات الأذربيجانية، مؤكدة أن
أذريبجان تقوم بعمليات في إقليم ناجورني قرة باغ مستخدمة الدبابات
والمدفعية والقوات الجوية؛ للتوغل في الإقليم والاستيلاء على مواقع في
عمقه، مشيرة إلى أن الجيش الأرميني يقوم بهجوم مضاد على عدة محاور في
الإقليم. وأرجعت وزارة دفاع أذريبجان سبب هذا الهجوم إلى خرق القوات
الأرمينية في يوم واحد نظام وقف إطلاق النار 127 مرة على مختلف محاور خط
التماس.
وتعود جذور هذا الصراع الأرميني الأذربيجاني المتجدد إلى
إعطاء الحكومة الروسية منطقة «ناجورني قره باغ » لأذريبجان عام 1923، حيث
كانت المنطقتان تابعتين للاتحاد السوفييتي. وعند تفتت العقد السوفييتي
واستقلال جمهورية أذربيجان، اندلعت الحروب بين كل من أذربيجان وجمهورية
أرمينيا؛ بسبب إصرار كل منهما على ضم تلك المنطقة إلى أراضيها، الأمر الذي
أدى إلى تنفيذ الجهتين التطهير العرقي لبعضهما.
في تلك الفترة طلب برلمان قره باغ، والتي تقطنها غالبية
أرمينية الانضمام إلى أرمينيا، وكانت الاستطلاعات جميعها قد أظهرت طلب
سكان المنطقة الانضمام إليها، إلا أن أذريبجان رفضت هذا الطلب، وأصر
البرلمان على ذلك، وتم التصويت على ضم المنطقة إلى أرمينيا 20 فبراير 1988.
وجاء إعلان الانفصال كنتيجة نهائية حسب الحكومة الأرمنية،
التي بررت هذا بأن السلطة الأذربيجانية منعت الجالية الأرمينية من ممارسة
عقائدها، واستخدمت القيود على الحريتين الفكرية والدينية. ولكن الأهم من
ذلك أن أرمينيا اعتبرت الحرب صراعًا من أجل الأرض.
ومنذ ذلك الحين وحتى عام 1994 قامت أرمينيا بدعم الانفصاليين
الأرمن في ناجورني قره باغ، لمحاربة السلطات الأذربيجانية. وأدى ذلك الصراع
إلى نزوح مئات الآلاف من الأرمن من أذربيجان إلى أرمينيا ونزوح مئات
الآلاف من الأذربيجانيين من أرمينيا.
واندلعت الحرب الفعلية بين الجانبين أواخر شتاء 1992، ولم
تتمكن المنظمات الدولية من احتواء الصراع. وفي ربيع 1993 استولت القوات
الأرمينية على مناطق كانت تحت سيطرة أذريبجان،بما يعادل 9%، وتدخلت روسيا
لوقف إطلاق النار، وتم التوقيع من الجانبين على هذا الاتفاق في مايو 1994،
من خلال مؤتمر الأسس الأمنية والتعاونية الأوروبية (مجموعة مينسك).
ويأتي هذا التصعيد الأخير بعد أشهر قليلة من اجتماع عُقِد في
برن بين رئيسي أذربيجان إلهام علييف وأرمينيا سيرج سركيسيان؛ بهدف إيجاد حل
للنزاع، الذي يسمم العلاقات بين البلدين منذ عقود. لكن هذه المحادثات لم
تُفضِ إلى أي تقدم ملموس.
وعلى الصعيد الدولي أعلن الكرملين أن الرئيس الروسي فلاديمير
بوتين يدعو طرفي النزاع في قره باغ إلى وقف فوري لإطلاق النار، فيما زار
الرئيس الأذربيجاني واشنطن الأسبوع الماضي؛ لحضور قمة للأمن النووي، وعلى
هامشها أكد أن “النزاع بين أرمينيا وأذربيجان وكافة النزاعات في منطقة
الاتحاد السوفييتي السابق وفي العالم يجب حلها على أساس وحدة أراضي الدول،
مُثنيًا على محاولات الولايات المتحدة إنهاء النزاع، لكنه قال إنه يمكن حل
الأزمة فقط من خلال قرار لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة يدعو “للانسحاب
الكامل وغير المشروط للقوات الأرمينية” من أذربيجان.
ومن حين لآخر تحدث مناوشات عسكرية على الحدود تؤدي إلى مقتل
عسكرين من الجانبين، إلا أن هذه الاشتباكات تكثفت في الأشهر الأخيرة، إلى
درجة دفعت منظمة الأمن والتعاون في أوروبا إلى التحذير من أن الوضع القائم
لم يعد محتملًا.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
المدونة غير مسئولة عن أي تعليق يتم نشره على الموضوعات