مع انعقاد الجمعية العامة للأمم المتحدة اليوم على مستوى القمة، يُطرح السؤال التقليدي عن جدوى هذه المنظمة الدولية والفرص التي توفرها هذه المناسبة.
إعداد عبد الوهاب بدرخان
إذا كانت الأمم المتحدة أثبتت هذه السنة عجزها الكامل عن
معالجة الأزمة السورية، فإن الفشل يُعزى أساساً إلى صراعات الدول الكبرى
وتعذر التوافق في ما بينها، بل عودتها إلى مماحكات عهد الحرب الباردة التي
تجددت بعد مضي أكثر من عقدين على نهايتها المعلنة رسمياً.
ومع أن نزاع الصين واليابان على الجزر المنتشرة في المياه
الإقليمية بينهما قفز أخيراً إلى الواجهة، إلا أن منطقتي الشرق الأوسط
والخليج تنفردان بكثرة الملفات الخطيرة التي لم تتوفر إرادة دولية لبلورة
حلولٍ عادلة ودائمة لها، وعلى رأسها القضية الفلسطينية التي تمر بمرحلة
تهميش غير مسبوقة.
ثم أن الحرب الدائرة داخل سوريا تنذر بتداعياتٍ إقليمية مقلقة لا تزال عملياً في بدايتها.
ورغم أن خطر الإرهاب تراجع نسبياً، إلا أن قضية الإساءة
للإسلام ساهمت في إعادته إلى جدول الأعمال، خصوصاً مع اتساع رقعة انتشاره.
وسيجد المجتمع الدولي نفسه في معركة تشريعية معقدة إذا دُعي إلى إصدار
قانونٍ يحرّم الإساءة للأديان والأنبياء. فلن يكون الأمر على السهولة التي
يعتقدها أصحاب هذه الدعوة.
لكن الأخطر أن الجمعية العامة مرشحة لأن تكون هذه السنة
المنبر الذي ستعلن منه مسبقاً الحرب بين إسرائيل وإيران. فرغم أن هناك
جانباً إعلامياً كبيراً في التصعيد الحالي بين الدولتين، إلا أنه قطع
خطواتٍ متقدمة نحو بناء واقع الحرب ومنطقها وحتى رغبة الطرفين فيها.
وهذا مثال حي لما يُفترض أن منظمة الأمم المتحدة أنشئت من
أجله، أي استباق الحروب وإجهاضها عبر ما يُعرف بالدبلوماسية الوقائية أو
الاستباقية التي لا يمكن تفعيلها على أي حال إلا برغبة الطرفين. قد تكون
مفاوضات البرنامج النووي الإيراني إحدى وسائلها، لكن من الواضح أنها لم
تثمر حتى الآن وينبغي تصحيح آلياتها ومنطلقاتها، وإلا فإن الجميع قد أخذ
علماً بأن الحرب واقعة لا محالة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
المدونة غير مسئولة عن أي تعليق يتم نشره على الموضوعات