أثار الظهور الإعلامى المكثف لعبود وطارق الزمر بعد الإفراج عنهما موجة من النقد وعدم الارتياح. فقد سلطت عليهما الأضواء التليفزيونية والصحفية على نحو جعل من عبود الزمر بطلا وليس قاتلا حكم عليه بالمؤبد. فلم يعرف الناس هل يستحق الإعجاب أم الإشفاق.
ثم أسرف الحاكم فى الشطط فأبقاه فى السجن عشر سنين زيادة على المدة المحكوم بها دون سند من قانون. وجاء الإفراج عنه فى سياق إجراءات تصحيحية اتخذت فى أجواء التغيير التى هيأتها ثورة يناير للإفراج عن مئات المعتقلين السياسيين الذين تكدسوا فى السجون بدون أحكام قضائية على مر السنين.
وإذا كانت المنافسة الإعلامية قد تؤدى أحيانا إلى خيارات خاطئة أو مبالغات مضللة للرأى العام، إلا أن السبب فى ركض الإعلام وراء موضوع مثير مثل قاتل السادات، يرجع بالدرجة الأولى إلى انهيار الاستبداد وأجهزته البوليسية وأدواته القمعية. والتى كانت ــ من حيث لا تدرى ــ تنخر فى أسس العدالة والنظام السياسى، وتشكل حاجز ممانعة قوى ضد ممارساته. مما جعل التمييز بين الحق والباطل أمرا بالغ الصعوبة. وهو ما ولد لدى البعض شعورا زائفا بالتسامح والعفو.
غير أن خطورة المسألة لا تقتصر على ما يولده الظلم من تعاطف مع المظلومين، ولكن فى العواقب الناجمة عنها. إذ يجد عبود الزمر ومن معه نفسه محاطا بأجواء سياسية تدفعه إلى التفكير فى العمل السياسى أو تدفع آخرين إلى توظيفه سياسيا.. وقد تردد أنه ينوى ترشيح نفسه مستندا إلى ما أثاره حوله من تعاطف بين أهله وأهل قريته. ولا يملك المرء فى أحيان كثيرة من أن يصاب بالدهشة لأعضاء نجحوا فى مجلس الشعب خدعوا ناخبيهم، وآخرين قفزوا إلى السلطة وأيديهم ملوثة بالدماء.
والظاهرة المثيرة للقلق فى خضم الفتن الدينية التى انفجرت أخيرا فى أطفيح وغيرها، هى بروز التيارات السنية والسلفية واتباع الطرق الصوفية من ناحية وشخصيات قبطية متطرفة من طراز مايكل منير على سطح الأحداث من ناحية أخرى. ولم يكن لهم فى ثورة يناير دور يذكر.
لقد أعلنت هذه القوى التى رفضت النزول إلى الشارع فى 25 يناير مثلها مثل الكنيسة القبطية عزمها على تشكيل أحزاب سياسية، وهو ما قد يؤدى إلى نوع من الهمجية السياسية والنشاط الطائفى المسيّس، على نحو يهدد المجتمع ويمزق أواصره، ويضعف مفهوم الدولة المدنية!
وقد بدا تراجع دور المؤسسات الدينية التقليدية مثل الأزهر وظهور آخرين مثل الشيخ حسان على منابر الخطابة فى المساجد يوم الجمعة مثيرا للانتباه.. الأمر الذى جعل كتابا كبارا مثل فهمى هويدى يتساءل: أين الأزهر ولماذا يتخلى عن وسطيته الدينية؟
لا يهم إن كان عبود الزمر قد تسبب باغتيال السادات فى تمهيد الطريق أمام حسنى مبارك لتولى منصب الرياسة، أو أنه قطع على الرئىس الراحل إنجاز أهداف كبار كان يسعى إلى تحقيقها، وفتح بذلك الطريق أمام حقبة طويلة من الفساد والعجز عادت بالبلاد سنوات إلى الوراء ومكنت الحزب الوطنى من إقامة مملكة من القمع وسوء الإدارة.. ولكن المهم أنه أثبت أن الخروج على الحاكم بالقوة ومحاولة فرض الشريعة بحد السيف. محاولة محكوم عليها بالفشل، وكانت سببا فى التضحية بجيل بأكمله وفى العودة بمصر إلى الوراء نصف قرن!
ومع ذلك فإن النظام السياسى فى مصر لم يتعلم من التجربة. ولم يكن مبارك أكثر إيمانا بالديمقراطية من السادات. وفقدت مصر كثيرا من مكانتها فى العالم العربى.
كما أثبت الإسلاميون عجزهم عن ملاحقة التطور فى العصر الحديث وعن تحقيق النهضة الموعودة على يد الزمر أو غيره. وقد أثبتت التجربة أن اللجوء إلى العنف لا يغنى من الأمر شيئا. ولا يضر غير المسلمين والإسلام فى مصر وخارجها.
ثم أسرف الحاكم فى الشطط فأبقاه فى السجن عشر سنين زيادة على المدة المحكوم بها دون سند من قانون. وجاء الإفراج عنه فى سياق إجراءات تصحيحية اتخذت فى أجواء التغيير التى هيأتها ثورة يناير للإفراج عن مئات المعتقلين السياسيين الذين تكدسوا فى السجون بدون أحكام قضائية على مر السنين.
وإذا كانت المنافسة الإعلامية قد تؤدى أحيانا إلى خيارات خاطئة أو مبالغات مضللة للرأى العام، إلا أن السبب فى ركض الإعلام وراء موضوع مثير مثل قاتل السادات، يرجع بالدرجة الأولى إلى انهيار الاستبداد وأجهزته البوليسية وأدواته القمعية. والتى كانت ــ من حيث لا تدرى ــ تنخر فى أسس العدالة والنظام السياسى، وتشكل حاجز ممانعة قوى ضد ممارساته. مما جعل التمييز بين الحق والباطل أمرا بالغ الصعوبة. وهو ما ولد لدى البعض شعورا زائفا بالتسامح والعفو.
غير أن خطورة المسألة لا تقتصر على ما يولده الظلم من تعاطف مع المظلومين، ولكن فى العواقب الناجمة عنها. إذ يجد عبود الزمر ومن معه نفسه محاطا بأجواء سياسية تدفعه إلى التفكير فى العمل السياسى أو تدفع آخرين إلى توظيفه سياسيا.. وقد تردد أنه ينوى ترشيح نفسه مستندا إلى ما أثاره حوله من تعاطف بين أهله وأهل قريته. ولا يملك المرء فى أحيان كثيرة من أن يصاب بالدهشة لأعضاء نجحوا فى مجلس الشعب خدعوا ناخبيهم، وآخرين قفزوا إلى السلطة وأيديهم ملوثة بالدماء.
والظاهرة المثيرة للقلق فى خضم الفتن الدينية التى انفجرت أخيرا فى أطفيح وغيرها، هى بروز التيارات السنية والسلفية واتباع الطرق الصوفية من ناحية وشخصيات قبطية متطرفة من طراز مايكل منير على سطح الأحداث من ناحية أخرى. ولم يكن لهم فى ثورة يناير دور يذكر.
لقد أعلنت هذه القوى التى رفضت النزول إلى الشارع فى 25 يناير مثلها مثل الكنيسة القبطية عزمها على تشكيل أحزاب سياسية، وهو ما قد يؤدى إلى نوع من الهمجية السياسية والنشاط الطائفى المسيّس، على نحو يهدد المجتمع ويمزق أواصره، ويضعف مفهوم الدولة المدنية!
وقد بدا تراجع دور المؤسسات الدينية التقليدية مثل الأزهر وظهور آخرين مثل الشيخ حسان على منابر الخطابة فى المساجد يوم الجمعة مثيرا للانتباه.. الأمر الذى جعل كتابا كبارا مثل فهمى هويدى يتساءل: أين الأزهر ولماذا يتخلى عن وسطيته الدينية؟
لا يهم إن كان عبود الزمر قد تسبب باغتيال السادات فى تمهيد الطريق أمام حسنى مبارك لتولى منصب الرياسة، أو أنه قطع على الرئىس الراحل إنجاز أهداف كبار كان يسعى إلى تحقيقها، وفتح بذلك الطريق أمام حقبة طويلة من الفساد والعجز عادت بالبلاد سنوات إلى الوراء ومكنت الحزب الوطنى من إقامة مملكة من القمع وسوء الإدارة.. ولكن المهم أنه أثبت أن الخروج على الحاكم بالقوة ومحاولة فرض الشريعة بحد السيف. محاولة محكوم عليها بالفشل، وكانت سببا فى التضحية بجيل بأكمله وفى العودة بمصر إلى الوراء نصف قرن!
ومع ذلك فإن النظام السياسى فى مصر لم يتعلم من التجربة. ولم يكن مبارك أكثر إيمانا بالديمقراطية من السادات. وفقدت مصر كثيرا من مكانتها فى العالم العربى.
كما أثبت الإسلاميون عجزهم عن ملاحقة التطور فى العصر الحديث وعن تحقيق النهضة الموعودة على يد الزمر أو غيره. وقد أثبتت التجربة أن اللجوء إلى العنف لا يغنى من الأمر شيئا. ولا يضر غير المسلمين والإسلام فى مصر وخارجها.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
المدونة غير مسئولة عن أي تعليق يتم نشره على الموضوعات