أكد محمد البرادعي، أبرز وجوه المعارضة المصرية أنه مع التغيير السلمي للسلطة، لكن في حال تجاهل النظام المطالب، فليس هناك من سبيل سوى الخروج إلى الشارع، وقال إنّ المصريّين يعلمون إن عليهم الآن تبديل مصيرهم بأنفسهم.
تنصب الأنظار حاليًّا على مصر وردة فعل الشارع والنظام على ثورة تونس، خصوصًا على ضوء «يوم الغضب» في القاهرة. وبهذه المناسبة سارعت مجلة «دير شبيغل» الألمانية للقاء أشهر رموز المعارضة وأكثرها مصداقية، محمد البرادعي (68 عامًا).
والبرادعي غني عن التعريف، لكنه حائز نوبل للسلام العام 2005 مع «وكالة الطاقة الذرية» التي ترأسها في الفترة 1997 إلى 2009 وربما الوحيد القادر على منافسة حسني مبارك في انتخابات الرئاسة المزمعة في سبتمبر / أيلول المقبل.
وسألته المجلة بدءًا عمّا إن كان يؤيد احتجات «يوم الغضب»، فقال إنه يقف خلف أي مساع سلمية الى التغيير. ولأن النظام تجاهل المطالب بالإصلاح، صارت السبيل الوحيدة أمام الشباب المتلهّف الى التغيير هي الخروج الى الشارع. وقال، ردًّا على ما إن كان يعتقد أن الاحتجاجات ستؤدي الى التغيير فعلا، إنها بداية عملية تاريخية.
وقال إن المصريين يعلمون إن عليهم الآن تبديل مصيرهم بأنفسهم وأن تظاهرهم للمرة الأولى في تاريخهم الحديث هو السبيل الوحيد الى هذا. وأضاف أن المهم الآن هو أن الشعب قهر ثقافة الخوف التي زرعها النظام على أرضه ولا عودة عن هذا الآن. وقال إن ما نراه الآن هو الكرة التي ستحدث الانهيار الجليدي، وعلى الرئيس مبارك ألا يلجأ للعنف الدامي لقمع إرادة الشعب.
وقال البرادعي إنه لن يشارك شخصيًّا في المظاهرات لأنه لا يريد أن يستحوذ على النصر الذي يجب أن يكون من نصيب منظميها، لكنه سيدعمها بكل الأشكال الممكنة وخصوصًا على المستوى الاستراتيجي. فهذا سيتيح له المشاركة الفعالة حتى وإن كان خارج أراضي بلاده.
وقال إن مصر قد تكون مقبلة على مرحلة من القلاقل. لكن الجميع - من الماركسيين الى الاخوان المسلمين - يجب أن يجعلوا من الاستقرار أكبر أهدافهم. وأقر بأن المصريين لا يطالبون بالديمقراطية والحرية والكرامة منعزلة عن الخبز لأن أكثر من 40 في المئة من السكان يكسبون أقل من دولار واحد في اليوم. وأشار الى أن الاحتجاج الآن ينصب على الحاجات الأساسية للإنسان، وهذا هو وجه الاختلاف بين مصر وتونس التي تتمتع بطبقة وسطى عريضة، بينما ينبع الغضب المصري من الطبقات الفقيرة المحبطة أبدًا.
وفي تونس، أشعل بائع خضار النار في نفسه وأشعل الثورة. ورغم ان عددا من الناس فعلوا الشيء نفسه في مصر، يظل مبارك قابعًا على كرسي السلطة، فكيف يفسّر هذا؟ يجيب البرادعي قائلاً: «لا تخدعكم المظاهر. فهذا الثبات الذي يبديه الرئيس المصري ما هو إلا قشرة خارجية، لكنه يعاني القلق في دواخله. ويضيف أن مبارك لم يستمع الى النصح سواء في السابق أو حاليًّا وأنه شخصيًّا حذّره من حدوث ما يحدث اليوم لكنه لم يصغ، وهذا ما تجنيه يداه الآن.
وقال البرادعي إن السبيل الوحيدة أمام الرئيس المصرى الى وقف تيار الاحتجاج هي تخليه عن ترشيح نفسه للرئاسة مجددًا وأن يسمح بدستور ديمقراطي يجعل من الانتخابات النزيهة أمرًا ممكنًا. وقال إن بداية هذا الطريق هو إلغاء قوانين الطوارئ التي فرضها على البلاد على مدى 29 عاًما، وبدون كل هذه التنازلات فلن يظل ممسكا بالسلطة كما يريد.
وعندما أشارت المجلة الى المخاوف التي تبديها اسرائيل من اختطاف الاخوان المسلمين الثورة وشن الحرب عليها، قال البرادعي إن على الجميع التخلي، أولا، عن تصوير الاخوان المسلمين على أنهم أشرار، وثانيا، عن فكرة أن الخيارين الوحيدين امام الشعب المصري هما فوضى التطرف الديني من جهة ونظام مبارك من الجهة الأخرى.
وقال البرادعي إن له العديد من الخلافات مع الاخوان، لكنه يشهد لهم بأنهم لم يرتكبوا أي أعمال عنف على مدى خمسة عقود. وقال إنهم يتوقون الى التغيير كالبقية، وإذا أراد الشعب المصري الديمقراطية والحرية فعليه أن يشملهم بهذه المظلة وليس أن يلقي بهم الى الهامش.
وعما إن كان يؤمن بأن ثورة تونس هي بداية التغيير في العالم العربي، يقول البرادعي إن ما نشهده الآن هو بداية «ربيع العرب» وإن لمصر دورها الريادي المعتاد، ولهذا فهي محط أنظار الجيران. وأعرب عن أمانيه أن تصبح مصر بين الدول العربية الأولى التي تحظى بثمار الحرية والديمقراطية. واختتم حديثه قائلاً: «نحن المصريون يجب أن نكون قادرين على إنجاز ما أنجزه التونسيون».
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
المدونة غير مسئولة عن أي تعليق يتم نشره على الموضوعات