أعلان الهيدر

11‏/12‏/2010

الرئيسية البرلمان المصري الجديد سلاح باطل لقمع الحريات

البرلمان المصري الجديد سلاح باطل لقمع الحريات

يضم 86 رجل أعمال و49 ضابط متقاعد و9 وزراء
صبري حسنين من القاهرة

GMT 2:30:00 2010 السبت 11 ديسمبر


خيمت على المشهد البرلماني المصري صورة قاتمة، في ظل هيمنة رجال الاعمال وضباط الشرطة المتقاعدين والوزراء على مقاعد مجلس الشعب، الامر الذي اعتبره مراقبون مؤشراً لمضاعفة تحكم النظام في السلطة، فضلاً عن عدم التعاطي مع حقوق الانسان وقمع الحريات.


القاهرة: اتضحت تشكيلة مجلس الشعب المصري، إذ خلت من المعارضة الحقيقية، بعد إقصاء عدد من رموزها، وفقدان جماعة الإخوان المسلمين المقاعد الثمانية والثمانين التي كانت فازت بها في العام 2005. وفي المقابل برزت ظاهرة برلمانية جديدة 2010، وهى زيادة في تحول عدد ضباط الشرطة المتقاعدين الى نواب، حيث ارتفع عدد هؤلاء من 14 في السابق إلي 49 نائباً، كما ارتفع عدد رجال الأعمال من 50 إلي 86 نائباً، إضافة إلي تسعة وزراء، وجميعهم أعضاء في الحزب الوطني الحاكم، الذي يمثله في البرلمان 424 نائباً، من إجمالي 508 نائباً، منهم عشرة نواب يعينيهم رئيس الجمهورية، وعادة ما يكونوا من المنتمين للحزب أيضاً.

مقر مجلس الشعب المصري

لوبي رجال الاعمال

برز دور رجال الأعمال في البرلمان المصري بالتزامن مع ما يعرف بـ "الإصلاح الإقتصادي" والتحول من النظام الاشتراكي للنظام الرأسمالي، وبيع القطاع العام والتحول للخصخصة، في أوائل التسعينيات من القرن الماضي. وكان تعيين رئيس الجمهورية لرجل الأعمال محمد أبو العينين في البرلمان في العام 1995، بمثابة الضوء الأخضر لدخول هذه الفئة إلي دائرة صنع القرار التشريعي. و استفحلت الظاهرة في العام 2000، ثم بدا أن هناك سيطرة واضحة لرجال الاعمال في برلمان العام 2005. وبرزت العديد من الأسماء، منهم أحمد عز أمين التنظيم بالحزب الوطني والمقرب من جمال مبارك نجل الرئيس، والذي يدير منظومة العمل تحت قبة البرلمان، محمد أبو العينين رئيس لجنة الصناعة و الطاقة، محمد فريد خميس، طارق طلعت مصطفي شقيق هشام طلعت مصطفي المتهم بالتحريض على قتل الفنانة اللبنانية سوزان تميم، مصطفي السلاب الذي توفي قبل بدء الإنتخابات الحالية بأيام قلائل، هاني سرور الذي اتهم في قضية توريد أكياس دم ملوثة إلي المستشفيات العامة، لكنه حصل على البراءة في نهاية المطاف، ومحمد المصيلحي.

وشكل هؤلاء وآخرون ما عرف في الصحافة خلال الخمس أعوام الماضية بـ "لوبي رجال الأعمال"، الذي وقف كحائط صد ضد العديد من مشروعات القوانين التي تتعارض مع مصالحهم، أو المساهمة في إقرارها، و لكن بطريقة مشوهة، ومنها قانون منع الممارسات الإحتكارية، مشروع قانون رفع أسعار الطاقة على المصانع كثيفة الإستعمال، فرض رسوم ضد استيراد العديد من السلع الأساسية التي يحتكر بعضهم إنتاجها، ومن المتوقع زيادة نفوذهم في ظل خلو المجلس الجديد من المعارضة و زيادة عددهم.

ظاهرة الضباط

فيما بدأت ظاهرة ضباط الشرطة في البرلمان في العام 2000، حيث بلغ عددهم عشرة نواب، ثم زاد العدد إلي 14 نائباً في 2005، وكان أبرزهم اللواء مساعد وزير الداخلية الاسبق سعد الجمال رئيس لجنة الشئون العربية، اللواء المتقاعد محمد عبد الفتاح عمر وكيل لجنة الأمن القومي الذي أيد موقف وزارة الداخلية في التعامل بعنف وبالرصاص الحي مع المواطنين أثناء إضراب السادس من نيسان/ابريل بمدينة المحلة الكبري في العام 2008، وهو الاضراب الذي راح ضحيته ثلاثة مواطنين متأثرين بطلقات نارية. واللواء المتقاعد نشأت القصاص المعروف إعلامياً بـ "نائب الرصاص"، إذ انتقد وزارة الداخلية في طريقة تعاملها مع إحدى المظاهرات المنددة بالغلاء، وطالبها بـ "إطلاق الرصاص عليهم". واللواء المتقاعد حازم حمادي، وهو ضابط أمن دولة سابق، إتهمه نشطاء حقوقيون بممارسة التعذيب، ومنهم حافظ أبو سعدة رئيس المنظمة المصرية لحقوق الإنسان، و محمد زارع رئيس المنظمة العربية للإصلاح الجنائي. ثم العميد يحيي وهدان الذي هزم المعارض البارز أيمن نور في دائرته باب الشعرية.

ونظراً لخلفياتهم الأمنية، عادة ما يقفون ضد أية مشروعات قوانين تصب في صالح إقرار حقوق الإنسان، ومنها مشروع قانون تعديل بعض مواد قانون العقوبات للتماشي مع التعريف العالمي لجريمة التعذيب التي أزعجت بعضها الرأي العام المصري والعالمي، ومنها قضية هتك عرض المواطن عماد الكبير وتصويره في أحد أقسام الشرطة، وقضية مقتل الشاب خالد سعيد على أيدي أفراد شرطة سريين بالأسكندرية.

دائرة الوزراء

أما الوزارء، فهم موجودن في البرلمان كأعضاء منذ سنوات طويلة، ولكن عددهم زاد بشكل واضح في المجلس الجديد، وصل إلي تسعة نواب، في تعارض وخلط واضحين بين السلطتين التشريعية والتنفيذية. فالأولى تراقب أعمال الأخيرة، ولكن كيف يراقب الوزير نفسه ويساءلها. والوزارء التسعة هم: الدكتور محمد نصر الدين علام وزير الموارد المالية والري، الدكتور سيد مشعل، وزير الإنتاج الحربى، الدكتور على المصيلحى وزير التضامن الاجتماعى، المهندس أمين أباظة وزير الزراعة، المهندس سامح فهمى، وزير البترول، اللواء عبد السلام المحجوب وزير التنمية المحلية، الدكتور مفيد شهاب وزير الدولة للشئون القانونية والمجالس النيابية. الدكتورة فايزة أبو النجا وزيرة الدولة للتعاون الدولي، يوسف بطرس غالي وزير المالية.

ووفقاً للدكتور عمار علي حسن رئيس مركز الشرق الأوسط للدراسات السياسية، فإن هناك ثلاث فئات يتصاعد حظهم في ظل نظام حكم الرئيس مبارك، هي: رجال الأعمال، ضباط الشرطة، الوزراء. وقال عمار في تصريح خاص لـ "إيلاف" إن الباب أصبح مفتوحا على مصرعية أمام رجال الأعمال منذ أن بدأت الدولة في التوجه نحو خصخصة القطاع العام، مما أدي إلي ظهور طبقة ثرية جداً ومرفهة. وفي المقابل ساهم ذلك في إفقار الملايين من المصريين، وصارت هناك فجوة شاسعة ما بين اولئك وهؤلاء. وأضاف أن رجال الأعمال صاروا يتطلعون للحماية من المساءلة القانونية وحماية إستثماراتهم ومشروعاتهم والتصدي لأية قوانين قد تعوق تدفق الملايين والمليارات من الدولارات إلي جيوبهم، وذلك من خلال الحصانة البرلمانية، منوهاً الى أن النظام سمح لهم بالترشح والفوز، لأن هناك مصالح مشتركة، فهم يدعمون حملاته الإعلامية ويتبرعون للحزب الحاكم. وتابع: "أما فئة ضباط الشرطة، فهم يمثلون الركيزة أو الدعامة التي يستند عليها النظام الحاكم ويستمد منها قوته، ولذلك فقد منحهم ميزانية مفتوحة، وحماية قانونية من الملاحقة في حال إرتكاب تجاوزات في حق المواطنين". فيما يسارع الوزراء إلي الحصانة لضمان الحماية من المساءلة النيابية، ولضمان التواجد في صدارة المشهد السياسي في حالة الخروج من الوزارة. وتوقع حسن زيادة نفوذ تلك الفئات الثلاث خلال المرحلة المقبلة، مشيراً إلي أن هؤلاء لن يقدموا أية مشروعات قوانين تخدم السواد الأعظم من المصريين، وسوف تشهد مصر المزيد من الضيق الاقتصادي والسياسي، وسيتم سد مداخل ومخارج السياسة أمام قوي المعارضة.

مزيد من الخراب

وفي السياق ذاته، قال أحمد حسن الأمين العام للحزب العربي الناصري، لـ "إيلاف" إنه: "في ظل سيطرة الحزب الوطني ورجال الأعمال وضباط الشرطة والوزراء على مقاليد الأمور في مجلس الشعب الجديد فلن يكون هناك أي خير للمواطن البسيط، بل سيكون المزيد من الخراب والنهب لخيرات البلد". وأضاف أن الحزب الوطني انفرد بالسلطة التشريعية لضمان تمرير مشروعات القوانين التي يريدها بدون أية معارضة تذكر، مشيراً إلي أن المشهد السياسي في مصر شديد السواد، و جميع المؤشرات لا تدعو للتفاؤل.

وأكد حافظ أبو سعدة رئيس المنظمة المصرية لحقوق الإنسان لـ "إيلاف" إن التركيبة الجديدة لمجلس الشعب تعاني من خلل في تمثيل فئات المجتمع، مشيراً إلي أنها صارت تعبر عن الطبقتين الثرية والحاكمة، ويمثلهما رجال الأعمال والوزراء و ضباط الشرطة المتقاعدين، مما يعني أن المجلس لن يقوم بأي دور رقابي على أداء الحكومة كما هو منصوص عليه في الدستور، ولن يحقق أية أهداف تنموية لصالح الطبقة الرئيسية في المجتمع وهي الطبقة الكادحة. ومشيراً إلي أن أعضاء السلطة في مصر حققوا ما يضمن استمرارهم فيها إلي أطول فترة ممكنة.

و أبدى ابوسعدة اندهاشه من تقديم بعض ضباط الشرطة استقالاتهم والترشح للإنتخابات البرلمانية والفوز فيها، وكذلك خوض الوزراء الإنتخابات، مشيراً إلي هناك تناقض واضح بين التشريعات المنظمة للإنتخابات في مصر، ففي الوقت الذي تمنع فيه الموظفين والمسؤولين الرسميين من تولي وظائفهم خلال فترة وجودهم في البرلمان، تسمح للوزراء بالترشح و الفوز بدون أن تلزمهم بترك مناصبهم، وتساءل: كيف سيقوم الوزير بمساءلة زميل له في الحكومة أو سحب الثقة من حكومة هو عضو فيها، أو مساءلة نفسه بإعتباره عضواً في السلطة التنفيذية. وشدد على أن المجلس الجديد مهدد بالبطلان وهناك حوالي 180 حكم قضائي بذلك.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

المدونة غير مسئولة عن أي تعليق يتم نشره على الموضوعات

يتم التشغيل بواسطة Blogger.