أعلان الهيدر

08‏/11‏/2010

يد الفريق شفيق



بقلم سليمان جودة ٨/ ١١/ ٢٠١٠

الذين أخذوا طائرة مصر للطيران، إلى أى مكان فى العالم، لابد أنهم قد لاحظوا، أن نداء ينطلق بالصوت والصورة داخل الطائرة، بمجرد استقرار كل راكب على مقعده، وهو نداء يتضمن آية من آيات القرآن الكريم، تقال فى العادة عند السفر، ومع الآية دعاء عن الرسول عليه الصلاة والسلام، يوصف بأنه دعاء السفر!

لا اعتراض أبداً على الآية، ولا اعتراض مطلقاً، على الدعاء المرفق بها، ولكن الاعتراض على اختيار هذه الآية، بالذات، من بين ٦٢٣٦ آية فى القرآن الكريم، ثم يبقى الاعتراض بقوة أيضاً، على اختيار هذا الدعاء على وجه الخصوص، من بين آلاف الأدعية، عن الرسول الكريم!

نقول هذا دون حرج، لأنه ليس معقولاً أن يسمع الراكب، بمجرد وصوله إلى المقعد، عبارات من قبيل: «كآبة المنظر» و«سوء المنقلب»!.. وقبل ذلك، يكون الراكب نفسه، قد أحس قطعاً بخوف فى داخله، وهو يسمع النداء يقول: وإنا إلى ربنا لمنقلبون!

لا اعتراض، مرة أخرى، على الآية، ولا على الدعاء، ولكن راكب الطائرة، يريد بطبيعته أن يتفاءل، وهو لايزال فى أول خطوة من رحلته، ويريد أن يستبشر، وهو مقبل على رحلة طويلة كانت أو قصيرة، سوف يكون معلقاً خلالها فى السماء، ولابد أنه، سوف لا يتفاءل، ولا يستبشر، والحال هكذا، حين يكون لايزال يرتب أمتعته، فى طائرته، ثم تخترق أذنيه، كلمات عن «كآبة المنظر» و«سوء المنقلب» وغيرهما!

ماذا سوف يحدث - مثلاً - لو أن ختام الآية الكريمة فى سورة يوسف، الذى يقول «فالله خير حافظاً وهو أرحم الراحمين» قد جاء فى مكان الآية التى يقول ختامها «وإنا إلى ربنا لمنقلبون»؟!..

فالعبارة فى الحالة الثانية جزء من آية فى القرآن الكريم، والعبارة فى الحالة الأولى جزء أيضاً من آية فى القرآن الكريم، ولكن ما أبعد ما سوف يترسب فى نفس الراكب، فى الحالة الأولى، من مشاعر وأحاسيس عنه فى الحالة الثانية، وما أشد إحساس الراكب ذاته، بالأمن، والطمأنينة، والسكينة، وهو يسمع «فالله خير حافظاً وهو أرحم الراحمين» ثم ما أشد إحساسه هو نفسه، بالفزع، وهو يسمع «وإنا إلى ربنا لمنقلبون».. مع أن هذا قرآن وهذا قرآن!

ثم ماذا سوف يحدث، أيضاً، لو أن العبارة المأثورة عن الرسول الكريم، التى تقول: «سبحان الله، والحمد لله، ولا حول ولا قوة إلا بالله.. توكلت على الله» قد جاءت فى مكان «كآبة المنظر» و«سوء المنقلب».. فهذا كلام الرسول، وذاك كلامه - عليه الصلاة والسلام - أيضاً، ولكن ما أبعد المسافة بين أثر الأول فى النفس، وبين أثر الثانى!

وإذا كان الفريق شفيق، وزير الطيران، يحتفل هذه الأيام، بدورة جديدة ناجحة من دورات معرض أفيكس الدولى للطيران، وإذا كانت يد التطوير لدى الرجل تمتد يومياً، فى كل اتجاه، من مواقع مسؤوليته، فأغلب الظن أن هذا التسجيل على طائرات مصر للطيران فى حاجة منه إلى إعادة نظر عاجلة، وإلى تطوير أيضاً، لأن القصد عند بداية كل رحلة، إنما هو طمأنة الناس إلى أنهم سوف يصلون إلى مقاصدهم، بسلامة الله، وليس القصد، ما هو حاصل حالياً، تأبين كل واحد فيهم، بمجرد صعوده إلى الطائرة!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

المدونة غير مسئولة عن أي تعليق يتم نشره على الموضوعات

يتم التشغيل بواسطة Blogger.